بالبيان المتقدم. والسببية والمسببية كانت مبنية على أن لا تكون نجاسة الملاقي بالسراية ، فلو احتمل كونها بالسراية ـ كما هو المفروض ـ تبقى طرفيته للعلم الاجمالي على حالها كالملاقي ( بالفتح ) ولا تجري فيه أصالة الطهارة ، لمعارضتها بأصالة الطهارة الجارية في الطرف الآخر (١) فتأمل فإنه لا يخلو عن دقة.
لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف :
فتارة : يكون الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به ، كما لو اضطر إلى استعمال أحد مقطوعي الطهارة أو الحلية ثم حدثت نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها. وأخرى : يكون الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به. وثالثة : يكون الاضطرار بعد العلم به أيضا أو مقارنا له.
وعلى جميع التقادير : فتارة يكون الاضطرار إلى أحدها المعين. وأخرى إلى أحدها لا بعينه.
فإن كان الاضطرار قبل تعلق التكليف والعلم به وكان إلى المعين ، فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا
__________________
١ ـ أقول : ولعمري! ان المسألة في المقام يتم بكلمتين ، وملخصه أن جريان الأصل في الملاقي فرع إحراز المسببية ، إذ مع الشك فيه فلا قصور في شمول العموم له أيضا في ظرف شموله للبقية ، فتساقط الأصول جميعا ، وبعد ذلك أين الداعي على بسط الكلام في شيء آخر؟ لا يكاد يتم المقايسة بينه وبين المقام إلا على مختارنا ـ كما أسلفناه مفصلا ـ لا على مختاره.