ولا دخل لتنجز تكليف آخر في ذلك ، فتأمل.
وعلى كل حال : لا يمكن الخدشة في جريان البراءة العقلية وفي انحلال العلم الاجمالي من هذه الجهة بعد البناء على كون الأقل واجبا نفسيا على كل تقدير.
وقد أورد على الانحلال بوجوه اخر ، ذكرها الشيخ مع الجواب عنها.
فالأولى عطف عنان الكلام إلى بيان المختار في وجه عدم جريان البراءة العقلية ، وعدم كفاية العلم التفصيلي بوجوب الأقل في انحلال العلم الاجمالي عقلا.
فنقول : إنه لا إشكال في أن العقل يستقل بعدم كفاية الامتثال الاحتمالي للتكليف القطعي ، ضرورة أن الامتثال الاحتمالي إنما يقتضيه التكليف الاحتمالي ، وأما التكليف القطعي فهو يقتضي الامتثال القطعي ، لان العلم باشتغال الذمة يستدعي العلم بالفراغ عقلا ، ولا يكفي احتمال الفراغ ، فإنه يتنجز التكليف بالعلم به ولو إجمالا ، ويتم البيان الذي يستقل العقل بتوقف صحة العقاب عليه ، فلو صادف التكليف في الطرف الآخر الغير المأتي به لا يكون العقاب على تركه بلا بيان ، بل العقل يستقل في استحقاق التارك للامتثال القطعي للعقاب على تقدير مخالفة التكليف.
ففي ما نحن فيه لا يجوز الاقتصار على الأقل عقلا ، لأنه يشك في الامتثال
__________________
من القطعة المشكوكة.
ومن هذا البيان ارتفع شبهة أخرى يتوهم ورودها ، وهي توهم أن الاشتغال بالأقل يقتضي الفراغ اليقيني عن الأقل بعد التسليم الانحلال وعدم المنجزية للعلم الاجمالي ، ومرجع هذا الكلام إلى أن العلم التفصيلي بوجوب الأقل يقتضي الفراغ عنه ، ولا يحصل ذلك إلا بالاتيان بالأكثر. والمقرر لو جعل نظره في وجه لزوم الأكثر إلى هذا الوجه ـ كما كان المترائي من بدو كلامه ذلك ـ لكان أولى ، وكان وجهه حينئذ ممتازا عن كلام المحقق صاحب الحاشية ، فيصلح رده طريقه الاحتياط واختيار ذلك ، ولكن ما قنع بذلك ووجهه بعين ما يرجع إلى كلام المحقق ، وأظن أن ذلك خلط من المقرر ، فتدبر.