__________________
ولازمه عدم تشريع إطلاق الحكم ، نظير عدم تشريع إطلاقه في مجمع العامين من وجه ، خصوصا الحاصل من باب الاتفاق مع فرض وجود الملاكين فيه. وحينئذ كيف يرى فرق بين الخطابين في المجمع الحاصل من باب الاتفاق وبين الخطابين الغير الشامل لصورة العجز عن موافقتهما؟ إذ كل منهما في عدم تشريع الاطلاقين في الخطابين على حد سواء ، فلم يجعل أحدهما من باب العلم بعدم تشريع أحدهما ـ فيكون من باب التعارض ـ بخلاف الآخر؟ وحينئذ لو كان مدار تزاحم الحكمين صورة وجود الحكمين باطلاقهما لصورة العجز عن أحد الامتثالين ، فلا محيص من عدم تقيد مضمون الخطاب بالعجز ، بل كان مثل العلم شرط تنجيز الخطاب ، وهو بمكان من البعد من كلمات الأصحاب المؤسسين لهذه الأساسات والجاعلين لهذه الاصطلاحات!! فظهر مما ذكرنا : أن المدار في باب التزاحم لو كان على ما أفيد ، فيلزم على مسلك تقيد مضمون الخطاب بالقدرة إرجاع موارد العجز أيضا إلى باب التعارض بين إطلاقي الخطابين ، كما في العامين من وجه بالنسبة إلى المجمع ، وحينئذ على الاسلام السلام!!!.
وبالجملة : التحقيق أن يقال : إنه لا نعني من باب التزاحم إلا صورة الجزم بوجود الغرضين مع ضيق خناق المولى من تحصيلهما ، ولذا لو علم من الخارج أهمية أحدهما يكشف ذلك من تقيد الحكم في الآخر مع العلم بفوت غرضه ، كما أنه لو فرض الجهل به ليحكم العقل بتنجز غرضه الآخر المعلوم. كما أنه لو كان أحدهما موسعا والآخر مضيقا بحيث لا يتزاحمان في الوجود يحكم العقل بحفظ الغرضين مهما أمكن ، بل ولو كان أحدهما مشروطا بالقدرة يحكم العقل بتقديم المطلق في التأثير بمناط التخصص والتخصيص. كما أنه لو كان لأحدهما بدل يحكم العقل بتقديم ما لا بدل له في التأثير في فعلية حكمه وتشريعه ، إلى غير ذلك من نتايج التزاحم.
وهذا بخلاف ما لو لم يحرز الغرضان في المورد ، بل يعلم بعدم وجود الغرض في أحد الموردين ، فإنه لا مجال لجريان ما ذكرنا من النتايج ، بل لا محيص إلا من إعمال مرجحات باب التعارض على ما سيجيء ( إن شاء الله تعالى ).
ولذا ترى أن القائلين بامتناع اجتماع الأمر والنهي لم يلتزموا باعمال قواعد التعارض : من الاخذ بالأرجح سندا من حيث العدالة والوثوق ، بل أعلموا فيه نتايج التزاحم ، خصوصا في حكمهم بصحة الصلاة مع الجهل بالغصبية أو بحرمته. وعليه : فلا أدري الداعي عن العدول عن مشي القوم إلا حيث الانفراد وبيان اصطلاح جديد لجلب أذهان صغار الطلاب نحوه! وإظهار ما يقتضيه جمود لفظ تزاحم الحكمين أو الغرضين والملاكين! مع ما عرفت : أن ما أفيد من الفرق لا يتم إلا بجعل القدرة كالعلم من شرائط التنجز والامتثال دون الخطاب ، ولعمري! إن هذا المعنى مما لم يلتزم به أحد ، حتى سيد