المقتضي لا يندرج في قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك ».
فان قلت : نعم وإن كانت إضافة النقض إلى اليقين تقتضي اختصاص حجية الاستصحاب بما إذا علم اقتضاء المتيقن للبقاء فلا يشمل الشك في المقتضي ، إلا أن عموم لفظ اليقين لما إذا كان لمتعلقه اقتضاء البقاء أو لم يكن يقتضي عدم اختصاص الاستصحاب بما إذا كان الشك في الرافع بل يعم الشك في المقتضي أيضا ، فلا موجب لتقديم ظهور النقض في خصوص الشك في الرافع على ظهور اليقين في العموم.
قلت : إضافة النقض إلى اليقين تقتضي اختصاص اليقين بما إذا كان لمتعلقه اقتضاء البقاء ، فلا يبقى لليقين إطلاق لما إذا لم يكن لمتعلقه اقتضاء البقاء ليعارض ظهور النقض في ذلك ، وعلى فرض التسليم : فلا أقل من تعارض الظهورين ، فيبقى الاستصحاب عند الشك في المقتضي بلا دليل ، فتأمل (١).
وأما الشك في الرافع فهو بجميع أقسامه يندرج في الاخبار ويكون رفع اليد عن وجود المتيقن فيه من نقض اليقين بالشك ، من غير فرق في ذلك بين الشك في وجود الرافع والشك في رافعية الموجود لأجل الشبهة الحكمية أو المفهومية أو الموضوعية.
__________________
١ ـ لا يخفى أن روايات الباب منها : ما ذكر فيها إضافة النقض إلى اليقين كروايات زرارة. ومنها : لم يذكر فيها لفظ النقض كقوله عليهالسلام في رواية محمد بن مسلم « من كان على يقين فشك فليمض على يقينه » بناء على ما تقدم : من أنه ينبغي عدها من أخبار الاستصحاب ولا ظهور فيها لقاعدة اليقين. فقد يختلج في البال أنه يصح التمسك بهذه الرواية على حجية الاستصحاب عند الشك في المقتضي. إلا أن يقال : إن ظهور الرواية في سبق زمان اليقين يقتضي اختصاصها بالشك في الرافع ، فإنه في الشك في المقتضي غالبا يكون زمان الشك متحدا مع زمان اليقين ، لان زمان الشك في الشك في المقتضي لم يتعلق به اليقين في آن حدوثه. أو يقال : إن المضي على اليقين إنما هو فيما إذا كان لليقين اقتضاء المضي واقتضاء اليقين لذلك إنما يكون باعتبار اقتضاء المتيقن للمضي على طبقه ، فلا يشمل الشك في المقتضي ، فتأمل ( منه ).