فرع وجود المقتضى له ، ولا يمكن فرض وجود المقتضى له مع وجود المقتضى للآخر ـ على ما تقدم بيانه ـ فلا دور.
وتوهم انه يفرض وجود المقتضى والشرط للضد الآخر فيكون وجود هذا الضد مانعا فيعود محذور الدور ، فاسد ، لاستحالة هذا الفرض وامتناع صلاحية وجود الضد لان يكون مانعا عن الاخر وعلة لعدمه على هذا الفرض المحال ، فان فرض وجود المقتضى له ممنوع ، أي لا نسلم امتناع مثل هذه الصلاحية الفرضية ، لان ذلك لا يوجب دورا فعليا ، فتأمل ، فإنه يكفي في الدور الصلاحية. ولقد أجادوا في منع كون أحد الضدين مانعا عن الآخر ، وفي عدم امكان اجتماع المقتضيين ، الا انهم غفلوا عن أن لازم ذلك انكار المقدمية من الطرفين ، وذهبوا إلى مقدمية العدم للوجود.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : انه لا يمكن القول بمقدمية العدم للوجود ، ومنه يظهر فساد القول الثالث من مقدمية الوجود للعدم.
واما التفصيل بين الضد الموجود فيتوقف وجود الاخر على رفعه ، وبين فراغ المحل عن كلا الضدين فلا توقف من الجانبين ، فهو الذي ينسب إلى المحقق الخونساري ، وحكى ميل الشيخ إليه ، ولعل منشأ التوهم هو ما يشاهد بالوجدان من أن وجود البياض في مكان مشغول بالسواد يتوقف على رفع السواد واعدامه ، فيكون اعدام السواد من مقدمات وجود البياض.
ولكن لا يخفى عليك ، ان مناط الاستحالة مطرد في الضد الموجود والضد المعدوم ، فإنه لا يفرق الحال في كون الشيء مقدمة بين ان يكون موجودا وبين ان يكون معدوما ، فإنه في كلا الحالين يكون مقدمة ، لان مناط المقدمية هو كونه مما يتوقف عليه الشيء ، فإذا امتنع كون الشيء مقدمة في حال عدمه امتنع كونه مقدمة في حال وجوده أيضا ، فان صعود السلم مقدمة للكون على السطح في كل حال.
ومن الغريب ، ان المحقق الخونساري مع اعترافه بامتناع اجتماع المقتضيين للضدين كيف ذهب إلى ذلك ، مع أنه يلزمه القول باجتماع المقتضيين ، فان الضد الموجود انما يكون وجوده بوجود المقتضى ، ومع وجود مقتضيه كيف يمكن وجود