خالف في ذلك بعض. وعلى كل حال مسألة استحقاق الثواب في امتثال الواجبات النفسية محل كلام ، فما ظنك بالواجبات الغيرية؟ فالأولى تحرير النزاع بالأعم من الاستحقاق ، (١) والتفضل.
ثم انه لا اشكال في أن استحقاق الثواب على القول به ، انما يتوقف على قصد الطاعة وامتثال الامر ، وليس هو من لوازم فعل ذات الواجب من دون قصد ذلك ، بداهة ان الاتيان بذات الواجب من دون قصد امتثال الامر مما لا يوجب استحقاق الثواب.
إذا عرفت هذا
فنقول : انه لا معنى للبحث عن استحقاق الثواب على امتثال الواجب الغيري ، لان امتثاله انما يكون بعين امتثال ذي المقدمة الذي تولد امره منها ، وليس له امر بحيال ذاته ، حتى يبحث عن استحقاق الثواب عند امتثاله ، من غير فرق في ذلك بين المقدمات الشرعية أو العقلية.
اما المقدمات الشرعية فواضح ، لان أمرها انما يكون بعين الامر المنبسط على الواجب بما له من الاجزاء والشرائط والموانع ، ويكون حال المقدمات الخارجية حال المقدمات الداخلية ، من حيث إن امتثال أمرها انما يكون بامتثال الامر الواقع على الجملة ، سواء قلنا بوجوب المقدمة أو لم نقل ، بداهة تعلق الامر بالشرائط في ضمن تعلقه بالمركب ، ويكون امتثال الامر بالشرائط بعين امتثال الامر بالمركب ، وينبسط الثواب على الجميع ، ويختلف سعة دائرة الثواب وضيقه بسعة المركب وضيقه ، فلا معنى للبحث عن أن امتثال الامر بالمقدمات الشرعية يوجب استحقاق الثواب ، وذلك واضح.
اما المقدمات العقلية : فما كان منها من قبيل الأسباب التوليدية ، فقد عرفت في بعض المباحث السابقة ان الامر بالسبب امر بالمسبب وكذا العكس ، لان
__________________
١ ـ والانصاف : ان البحث عن التفضل مما لا ينبغي لسعة فضله ( تعالى ) فلا معنى للبحث عن تفضله بالثواب على الواجبات الغيرية ، فالأولى : ابقاء عنوان النزاع على حاله من استحقاق الثواب ، غايته انه يبنى البحث على استحقاق الثواب في الواجبات النفسية ، ويكون التكلم في المقام بعد الفراغ عن ذلك ـ منه.