انه ليست الاحكام من قبيل القضايا الجزئية الخارجية ، بحيث يكون انشاء الحكم بعد حصول الموضوع وتحقق القيود خارجا ، فإنه مضافا إلى امكان دعوى قيام الضرورة على خلافه ، لا يمكن ذلك بعد ما كان الآمر الحكيم ملتفتا أزلا إلى أن الشيء الفلاني ذو مصلحة في موطن وجوده ، فلا بد من الامر بذلك الشيء قبلا ، لكن مشروطا بتحقق موطن وجوده ، ولا يصبر ويسكت فعلا عن الامر إلى أن يتحقق موطن وجوده.
والى هذا كان نظر الشيخ قده فيما افاده بقوله : لان العاقل إذا توجه إلى شيء والتفت إليه ، فاما ان يتعلق طلبه به أولا يتعلق الخ ، (١) فراجع ما في التقرير ،
__________________
١ ـ اعلم أن لصاحب التقريرات في المقام تقريبان ذكرهما في دفع ما ذهب إليه صاحب الفصول من التخلص عن العويصة بالالتزام بالواجب المعلق.
أحدهما : ما ذكره بناء على ما ذهب إليه الإمامية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ، قال :
« فالطالب إذا تصور الفعل المطلوب فهو اما ان تكون المصحلة الداعية إلى طلبه موجودة فيه على تقدير وجوده في ذلك الزمان فقط ، أولا يكون كذلك ، بل المصلحة فيه تحصل على تقدير خلافه أيضا ، فعلى الأول فلا بد ان يتعلق الامر بذلك الفعل على الوجه الذي يشتمل على المصلحة كان يكون المأمور به هو الفعل المقيد بحصوله في الزمان الخاص ، وعلى الثاني يجب ان يتعلق الامر بالفعل المطلق بالنسبة إلى خصوصيات الزمان ولا يعقل ان يكون هناك قسم ثالث يكون القيد الزماني راجعا إلى نفس الطلب دون الفعل المطلوب ، فان تقييد الطلب حقيقة مما لا معنى له ، إذ لا اطلاق في الفرد الموجود منه المتعلق بالفعل حتى يصح القول بتقييده بالزمان أو نحوه ، فكل ما يحتمل رجوعه إلى الطلب الذي يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع إلى نفس المادة وبعد ذلك يظهر عدم اختلاف المعنى الذي هو المناط في وجوب المقدمة. ».
ثانيهما : ما ذكره بناء على عدم الالتزام بالتبعية. قال : « فان العاقل إذا توجه إلى امر والتفت إليه ، فاما ان يتعلق طلبه بذلك الشيء أولا يتعلق طلبه به ، لا كلام على الثاني. وعلى الأول فاما ان يكون ذلك الامر موردا لامره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طواريه أو على تقدير خاص ، وذلك التقدير الخاص قد يكون شيئا من الأمور الاختيارية كما في قولك : ان دخلت الدار فافعل كذا وقد يكون من أمور التي لا مدخل للمأمور به فيه لعدم ارتباطه بما هو مناط تكليفه كما في الزمان وأمثاله ، لا اشكال فيما إذا كان المطلوب مطلقا. وأما إذا كان مقيدا بتقدير خاص راجع إلى الأفعال الاختيارية فقد عرفت فيما تقدم اختلاف وجوه مصالح الفعل ، إذ قد يكون المصلحة في الفعل على وجه يكون ذلك القيد خارجا عن المكلف به بمعنى ان المصلحة في الفعل المقيد لكن على وجه لايكون ذلك القيد أيضا موردا للتكليف ، هذا على القول بالمصلحة. واما على تقدير عدمها كما هو المفروض