الالقاء الخاص هل يكون موجبا للاحراق أولا؟ كان المرجع هو الاشتغال ، لرجوع الشك فيه إلى الشك في المسقط ، ولا يجرى فيه حديث الرفع لان ما هو المجعول الشرعي غير مجهول وما هو المجهول غير مجعول شرعي.
وهذا بخلاف ما إذا كان المحصل شرعيا ، كالغسلات بالنسبة إلى الطهارة الخبثية ، حيث إنه لما كان محصلية الغسلات للطهارة بجعل شرعي ، فلو شك في اعتبار الغسلة الثانية أو العصر كان موردا للبرائة ويعمه حديث الرفع ، إذ امر وضعه بيد الشارع ، فرفعه أيضا بيده ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك فساده ، فان المحصلات ليست هي بنفسها من المجعولات الشرعية ، بل لا يمكن تعلق الجعل بها ، إذ السببية غير قابلة للجعل الشرعي ، فإنها عبارة عن الرشح والإفاضة ، وهذا مما لا تناله يد الجعل التشريعي ، كما أوضحناه في محله ، بل المجعول الشرعي هو نفس المسببات وترتبها عند وجود أسبابها ، فالمجعول هو الطهارة عقيب الغسلات لا سببية الغسلات للطهارة ، وكذا المجعول هو وجوب الصلاة عند الدلوك ، لا سببية الدلوك لوجوب الصلاة ، وح لا يمكن اجراء حديث الرفع عند الشك في دخل شيء في المحصل ، لما عرفت : من أنه يعتبر في المرفوع ان يكون مجعولا شرعيا ، والمجعول المجهول في المقام ، هو ترتب المسبب على الفاقد للمشكوك ، واجراء حديث الرفع في هذا ينتج ضد المقصود ، إذ يرفع ترتب المسبب على الأقل وينتج عدم حصول المسبب عقيب السبب الفاقد للخصوصية المشكوكة ، وهذا كما ترى يوجب التضييق وينافي الامتنان ، مع أن الرفع انما يكون للامتنان والتوسعة على العباد.
والحاصل : ان الامر في باب المحصلات ومتعلقات التكاليف يختلف ، فان في باب متعلقات التكاليف يكون تعلق التكليف بالأقل معلوما وبالأكثر مشكوكا ، فيعمه حديث الرفع ، لان في رفعه منة وتوسعة. وهذا بخلاف باب المحصلات ، فان ترتب المسبب على الأكثر معلوم وعلى الأقل مشكوك ، فما هو معلوم لا يجرى فيه حديث الرفع ، وما هو مشكوك لا موقع له فيه ، لاستلزام جريانه الضيق على العباد ، مع أنه ينتج عكس المقصود.