بنفسه قد أنكر الاطلاق ، فراجع عبارة التقرير في هذا المقام ، فإنها ربما لا تخلو عن توهم التناقض (١).
وعلى كل حال ، لا موقع لأصالة التوصلية ، كما أنه لا موقع لأصالة التعبدية ، كما ربما يظهر من بعض الكلمات ، نظرا إلى أن الامر انما يكون محركا لإرادة العبد نحو الفعل ، ولا معنى لمحركية الامر سوى كون الحركة عنه ، إذ لولا ذلك لما كان هو المحرك بل كان المحرك هو الداعي الاخر.
والحاصل : ان الامر بنفسه يقتضى ان يكون محركا للإرادة نحو الفعل ، فإذا كانت حركة العبد نحو الفعل لمكان الامر كان الامر محركا ، والا لم يكن الامر محركا ، وهذا خلف لما فرض ان الامر هو المحرك ، ولا نعنى بقصد الامتثال سوى كون الحركة عن الامر هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه.
اما أولا : فلان ذلك يقتضى انحصار التعبدية بقصد الامر ، كما هو مقالة صاحب الجواهر ، والحال انه لا ينحصر التعبدية بذلك كما تقدمت الإشارة إليه.
__________________
١ ـ ذكر الشيخ قدسسره في التقريرات حسب ما نقل عنه المحقق المقرر :
« ويظهر من جماعة أخرى ان الامر ظاهر في التوصلية ولعله الأقرب ».
ثم قال بعد سطور :
« واحتج بعض موافقينا على التوصلية بان اطلاق الامر قاض بالتوصلية .. » ورده :
بان « الاستناد إلى اطلاق الامر في مثل هذا التقييد فاسد ، إذ القيد مما لا يتحقق الا بعد الامر. توضيحه : ان الاطلاق انما ينهض دليلا فيما إذا كان القيد مما يصح ان يكون قيدا له ، كما إذا قيل : أكرم انسانا ، أو أعتق رقبة ، فإنه يصح ان يكون المطلق في المثالين مقيدا بالايمان والكفر والسواد والبياض ونحوها من أنواع القيود التي لا مدخل في الامر فيها ، وأما إذا كان القيد من القيود التي لا يتحقق الا بعد اعتبار الامر في المطلق ، فلا يصح الاستناد إلى اطلاق اللفظ في دفع الشك في مثل التقييد المذكور ، وما نحن فيه من قبيل الثاني .. ».
ثم أفاد في آخر البحث :
« فالحق الحقيق بالتصديق هو ان ظاهر الامر يقتضى التوصلية ، إذ ليس المستفاد من الامر الا تعلق الطلب الذي هو مدلول الهيئة للفعل على ما هو مدلول المادة ، وبعد ايجاد المكلف نفس الفعل في الخارج ، فلا مناص من سقوط الطلب لامتناع تحصيل الحاصل ». راجع مطارح الأنظار ـ ص ٥٩ ـ ٥٨