كلام الشيخ ، والظاهر من إطلاق الثاني جواز البكاء لذكر الجنة والنار ، وإن اشتمل على الصوت ، ( ولكن السند قد عرفت حاله ) (١) والأوّل ربما أفاد ذلك ، إلاّ أنّ فيه احتمال ظهور خروج الدمع فقط ، وقوله : « ولو مثل رأس الذباب » كأنّ المراد به إخراج الدمع وإن قلّ.
وفي كلام بعض الأصحاب ما يشعر بعدم الخلاف في إفساد الصلاة بالبكاء للأمر الدنيوي (٢) ، وربما علل بأنّ الأمر الدنيوي ينافي الأُخروي ، وفي الأمرين بحث ، أمّا الإجماع فواضح الإشكال ، وأمّا المنافاة فإن أُريد بها منافاة الصلاة من حيث كونها للأمر الأُخروي فغير خفي المغايرة بين الصلاة والبكاء للأمر الدنيوي ، وإن أُريد غير ذلك فلا يعلم وجهه.
وفي كلام جدّي قدسسره في بعض مصنفاته أنّ البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع ، مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ، ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء لغةً مقصوراً وممدوداً ، والشك في إرادتهما من الأخبار ، قال الجوهري : البكاء يمدّ ويقصر ، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصَرت أردت الدمع (٣) ولنا معه في المقام كلام في حواشي الروضة ، ( والحاصل أنه احتمل ) (٤) أصالة عدم زيادة اللفظ (٥) ، يعني المدّ عن القصر ، والذي تضمنه الخبر كما ترى أنه إن بكى لذكر جنة ، واستفادة المدّ والقصر من هذا غير
__________________
(١) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».
(٢) كما في المدارك ٣ : ٤٦٦.
(٣) انظر الروض : ٣٣٣ ، وهو في الصحاح ٦ : ٢٢٨٤ ( بكى ).
(٤) بدل ما بين القوسين في « رض » : واحتمل أصالة ، وفي « م » : والحاصلة أنّه أطال القول في المسألة واحتمل.
(٥) انظر الروضة البهية ١ : ٢٣٣ ٢٣٤.