إنّما تضمن غسل الرعاف والعود إلى الصلاة ما لم يتكلم ، فإن تكلم أعاد الصلاة ، وكأنّ حكم القيء استفيد من السكوت عنه ، وهو الطهارة ، لكن الخبر الثالث تضمن أنّ القيء ينقض الصلاة ، والنقض إمّا من جهة النجاسة أو من كونه فعلاً يقتضي الخروج عن هيئة الصلاة ، وكلا الأمرين يشكل معه الجواب في الخبر الأوّل ، حيث اقتصر فيه على غسل الأنف.
وربما يقال : إنّه عليهالسلام اقتصر على غسل الأنف ، لبيان عدم إبطال الصلاة به على تقدير فعل ما ذكر ، وأمّا القيء فالإبطال به من حيثية أُخرى ، ويجوز أن يكون ترك بيانه اعتماداً على المعلومية من غيره ، وفيه ما لا يخفى.
ولعلّ احتمال أن يريد عليهالسلام غسل الأمرين أعني الرعاف والقيء واكتفى بأحدهما عن الآخر ، ممكن ، والخبر الثالث لا يفيد الطهارة ، بل عدم نقض الوضوء ، وحينئذٍ يكون ذكر نقض الصلاة لتحققه في الجملة ، وذلك كافٍ في بيان الفرق بين الوضوء والصلاة ، وينبه على ذلك ذكر الرعاف مع القيء ، فإنّ نقض الصلاة بالرعاف أيضاً في الجملة.
وأمّا الثاني : فدلالته ظاهرة على وجوب غسل الرعاف ثم البناء على الصلاة قبل أن يتكلم.
وفي نظري القاصر أنّ في الخبرين الأوّلين وغيرهما دلالة على عدم العفو عن الدم إذا كان أقلّ من درهم أو مقداره إذا حصل في أثناء الصلاة ، وقد حُكي عن بعض الأصحاب القول بذلك (١) ، لكن لم يحضرني الآن دليله ، وسمعت عنه الاستدلال بأنّ ظواهر الأخبار الدالة على العفو لا يتناول
__________________
(١) معالم الفقه : ٢٩٠.