ثم إنّه قال أخيراً : أنّها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع ، فمن أخذ بها لم يكن مخطئاً بعد أنْ يعلم أنّ الأصل هو النهي ، وأنّ الإطلاق هو الرخصة والرخصة رحمة.
وهذا الكلام كما ترى ظاهره أنّ الخبر قد نقله الثقات ، فلا يضرّ الجهالة والقطع فيه ، والحال أنّ الثقات إذا رووه عن المجهولين فإنْ كان من جهة الاعتماد على المجهولين فليسوا بمجهولين ، وإنْ كان من حيث انضمام القرائن فلا يضرّ الجهالة ، والظاهر هو هذا ؛ لأنّ العمل بالخبر لا يفهم وجهه إلاّ من هذه الحيثية ، واحتمال كون الثقات قبل المجهولين لا وجه له ، واحتمال كون الثقات معهم كالأوّل. وبهذا يتضح أنّ الخبر صحيح عند الصدوق ، لا أنّه شاذّ كما قاله الشيخ ، وتبعه شيخنا قدسسره في فوائد الكتاب قائلاً : إنّه لا يخفى أنّ ثبوت الرخصة بهذه الرواية مع كونها شاذّة مقطوعة الإسناد مشكل جدّاً.
وفي الظن ، أنّ الخبر حينئذٍ يعتمد عليه بنحو ما قرّرناه في غيره ، وإن بقي الإشكال في ظاهر كلام الصدوق المقتضي للتنافي بين عادته وقوله هنا ، وإلى الآن لم يخطر في البال وجه التسديد ، والله المستعان.
ويبقى الكلام في الرخصة المذكورة في كلام الشيخ والصدوق ، فإنّ الظاهر من الشيخ إرادة الجواز ، وأنّ الأفضل عدم الصلاة إلى النار ، والرخصة في عبارة الصدوق لم يتضح لي معناها ، فلو أراد بها ما قاله الشيخ يكون قائلاً بكراهة الصلاة إلى النار ، وظاهر قوله : إنّ الأصل هو النهي ؛ يفيد التحريم ، وأنّ الرخصة يراد بها جواز الفعل للضرورة على نحو ما قرّره أهل الأُصول في الرخصة.
فإنْ قلت : قوله : اقترنت بها علة ، ثم قوله : فمن أخذ بها لم يكن