ولا مانع من اشتراك الحيّز بين كونه مقدمة للسكون في الصلاة وحصول الجسم فيه ، وحينئذٍ فاللازم على تقدير صحة الصلاة أنْ يوصف جزء الصلاة بالوجوب والتحريم.
فإنْ قلت : المقدمة للواجب قد يتحقق مع التحريم ، كما في الحج على الطريق المغصوبة ، والدابة المغصوبة ، مع صحة الحج ؛ وعلى هذا لا مانع من صحة الصلاة ، وإنْ كان الحيّز منهيّاً عنه والكون متوقف عليه.
قلت : الفرق بين الحج وما نحن فيه أنّ الحج نفسه لا تعلق له بتحريم المقدمة لكون أفعاله واقعة على الوجه المأمور به ، وأمّا المقدمة فالغرض منها التوصل إلى الواجب وقد حصل بأيّ وجه كان ، بخلاف الصلاة ، فإنّ الكون جزؤها ، لا أنّها أفعال يتوقف على الكون فلا يضرّ بها التحريم.
ولو سلّم أنّ المطلوب من الصلاة ليس شغل الحيّز داخلاً فيه ، الأمر بالصلاة ليس أمراً بالفرد كما هو الحق ، بل بالماهية مقدمة لحصولها ، فإذا ورد النهي عن الصلاة في الحمام مثلاً إنْ أُريد به ماهية الصلاة الحاصلة في الحمام فترك هذه الماهية لا يتم إلاّ بعدم إيقاع فرد من الأفراد في الحمام ، وعلى تقدير الوقوع لا يكون الامتثال للنهي عنه حاصلاً ، فكيف يجامع الامتثال للأمر عدم الامتثال للنهي ، وهل هذا إلاّ تضادّ؟!
فإنْ قلت : هذا بعينه وارد في الحج.
قلت : الفرق أنّ تلك مقدمة لم يقع النهي بخصوصها بأن يقول الشارع : لا حج على الطريق المغصوبة ، بخلاف ما نحن فيه ، غاية الأمر أنّ لزوم اجتماع الواجب والحرام في سفر الحج قد ذكرنا في حواشي المعالم : أنّه ربما يظن لزومه من القول بوجوب المقدمة في مثل الحج. ويمكن