والكراهة لا وجه له إلاّ بتقدير القول بالكراهة وبطلان الصلاة ، ومجامعة الكراهة للصلاة الباطلة على الإطلاق فيه ما لا يخفى. وإنْ كان التوجيه منه فالمطابقة للقولين المحكيين غير حاصلة.
ثم إنّ ظاهر الردّ بأنّ النهي عن خارج عن العبادة إنْ كان في جميع ما يقول القائل كالحمام فالتعليل (١) بنفار الإبل خاص مع عدم إثبات ما ذكره. وبتقدير العود إلى التحريم والكراهة فتنفير الإبل لا يوصف مطلقاً بالتحريم ولا الكراهة ؛ نعم لو كان تصرفاً في ملك الغير فأمر آخر ؛ وعلى كل تقدير ، فالنهي إنْ أُريد به عن الصلاة في الأعطان كما هو ظاهر الأخبار كانت نفس الصلاة منهياً عنها لا عن تنفير الإبل ، وإنْ كان النهي عن التنفير فأيّ مناسبة للرشّ والنضح؟.
نعم لو قلنا بالكراهة بمعنى الأقلّ ثواباً فلا مانع من مجامعته للصحة ، أمّا التحريم فلا يبعد أنْ يوجّه عدم البطلان إن كان القائل بالتحريم قائلاً بعدم البطلان بأنّ المنهي عنه شغل الحيّز كالحمّام مثلاً ، وليس نفس شغل الحيّز جزءاً من الصلاة ولا شرطاً ، بل هو أحد أفراد شغل الحيّز الذي من ضروريات الجسم ، بل هو مقارن للصلاة ، والاستقرار المعدود جزءاً من الصلاة عدم التحرك بمشي ونحوه ، وشغل الحيّز يقارنه ، لا أنّه هو ، كما ذكره بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ (٢).
وإنْ كان يخطر في البال إمكان أنْ يقال عليه : إنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به إذا كان واجباً عند الموجِّه فاللازم اجتماع الواجب والحرام في الشيء الواحد ؛ لأنّ عدم الحركة لا يتم إلاّ بالحيّز ، كما أنّ الجسم لا بدّ له من حيّز ،
__________________
(١) في النسخ : والتعليل ، والأنسب ما أثبتناه.
(٢) كالبهائي في الحبل المتين : ١٥٧.