الظنّ ـ كما سبق تفصيل القول فيه ـ (١) ؛ كما أنّه يدل على أنّ استصحاب اليقين لا يعارضه الظاهر وإنْ كان استصحاب اليقين لا يثمر يقيناً ، بل إنّما يفيد الظن ، وقد يكون الظاهر أقوى منه ظنا ، ومع تعارض الظن الراجح والمرجوح يقدم الراجح ، إلاّ أنّ الخبر يفيد خلاف هذا ؛ وقد مضى أيضاً نحوه في أبواب إزالة النجاسات (٢).
فإنْ قلت : هل في الخبر دلالة على ترجيح الظاهر على الأصل مطلقا ؛ لأنّ اليقين لا يبقى في المقام بل استصحابه إنّما يفيد الظن.
قلت : فيما نحن فيه ربما يدعى ظهور ترجيح الأصل على الظاهر من حيث إطلاق النصّ الشامل لما يفيد الظن الراجح من الظاهر ، أمّا مطلق الظاهر فترجيحه على مطلق الأصل فلا.
وما عساه يقال : إنّ التعليل يفيد أنّ كل ما تيقن واستصحب لا يعارضه الظاهر ، وهذا كاف.
يجاب عنه : بأنّ مثل هذا لا يقال له : إنّه مطلق على الإطلاق ؛ وربما يقال : إنّ التعليل خاص بالطهارة ، إذ يجوز أنْ يكون يقين الطهارة لا يعارضه إلاّ يقين النجاسة ، وإن كان يقين الطهارة صار ظنّاً ، أمّا يقين غيرها إذا عارضه الظاهر فلا. والفرق أنّ ما دلّ على أنّ الظن بالنجاسة غير كاف يدل على أنّ الظاهر غير كاف في الحكم بالنجاسة ، لأنّه لا يخرج عن الظن ، وقد حكم بعدم الاكتفاء به إذ (٣) مبنى الكلام عليه. وعلى هذا فلا يقال مثله في اليقين السابق المعارض بالظاهر إذا لم يدل دليل على اعتبار اليقين فيه.
__________________
(١) في ص ٨٨١.
(٢) في ص ٨٨١.
(٣) في « م » و « فض » زيادة : هو.