حتى قرأوا بلغاتهم من اتساع اللغات، فأدى ذلک إلى تخطئه بعضهم بعضاً ، فخشی من تفاقم الأمر فی ذلک فنسخ تلک الصحف فی مصحف واحد مرتباً لسوره ، واقتصر من سائر اللغات على لغة قریش ، محتجاً بأنه نزل بلغتهم ، وإن کان قد وسع فی قراءته بلغة غیرهم، رفعاً للحرج، والمشقة فی ابتداء الأمر ، فرأى أن الحاجة فی ذلک قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة . (۱)
وقال الشیخ محمود ابو ریه رحمه الله
غریبة توجب الحیرة
من أغرب الأمور، ومما یدعو إلى الحیرة أنهم لم یذکروا اسم علی رضی الله عنه فیمن عهد إلیهم بجمع القرآن، وکتابته لا فی عهد أبی بکر ، ولا فی عهد عثمان : ویذکرون غیره ممن هم أقل منه درجة فی العلم، والفقه ! فهل کان علیّ لا یحسن شیئاً من هذا الأمر ؟ أو کان من غیر الموثوق بهم ؟ أو ممن لا یصح استشارتهم، أو إشراکهم فی هذا الأمر ؟ اللهمّ إنّ العقل ، والمنطق لیقضیان بأن یکون علی أوّل من یعهد إلیه هذا الأمر، وأعظم من یشارک فیه، وذلک بما أتیح له من صفات ، ومزایا ، لم تتهیأ لغیره من بین الصحابة جمیعاً - فقد ربّاه النبی ( صلى الله علیه و سلم ) على عینه، وعاش زمناً طویلاً تحت کنفه ، وشهد الوحی من أوّل
نزوله إلى یوم انقطاعه، بحیث لم یند عنه آیة من آیاته !!
فإذا لم یدع إلى هذا الأمر الخطیر فإلى أی شیء یدعى ؟! وإذا کانوا قد انتحلوا معاذیر لیسوغوا بها تخطیهم إیَّاه فی أمر خلافة
- الشیخ محمود أبو ریة أضراء على السنة المحمدیة : ص ٢٥١ ط ثالثة.