فمن لم يأخذ به فقد (١) خالف أمر اللّه سبحانه ، وأمثال هذه الآية بل وأصرح منها أيضاً كثيرة في القرآن ، كما سيأتي أيضاً .
ثمّ إذا عرفت هذا كلّه ، فاعلم : أنّ هذه القضيّة أيضاً من قبيل ما مرّ من قياسات إبليس وتلامذته وشبهات آرائهم ، بل ما تركت مثلها شيئاً من لوازم الحكم بالهوى في مقابل النصّ :
أمّا أوّلاً : فلأنّ الذي منع من الكتاب ذلك اليوم قد خالف ما أمره اللّه به من إجابة قول نبيّه ، حيث أبى عن ذلك ، لا سيّما باستنادٍ له إلى خيال باطل مضلّ ـ كما سيظهر ـ مركّب من قياسين :
أحدهما : قياس أمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بل أمر اللّه بأمر غيره ، وحالة نبيّ اللّه بحالة نفسه وأمثاله من الخالين من نور العصمة في احتمال الخلل الذي أشرنا إلى تنزّه النبيّ صلىاللهعليهوآله عنه قطعاً ولو في حال شدّة المرض ، كما ينادي به أصل الإباء من إجابة أمره فضلاً عن نسبة الهجر وغيره .
ولا يخفى أنّ هذا مع كونه فاسداً ينطبق (٢) على حذو أصل قياس الشيطان ، كما ظهر وسيتّضح ، ومستلزم لتنزيل (٣) النبيّ صلىاللهعليهوآله عن مرتبته وتشبيهه برعيّته فيما هو منزّه عنه .
وثانيهما : قياس نفسه بل غيره أيضاً بالنبيّ صلىاللهعليهوآله في الاطّلاع على ما في القرآن إلى حدّ كمال القدرة على الاستنباط منه ، حتّى الذي أراد النبيّ صلىاللهعليهوآله كتابته لهم من غير احتمال الغفلة عن ذلك ، فإنّ الظاهر البيّن أنّ عزم النبيّ صلىاللهعليهوآله على ما أراد ذلك اليوم كان إمّا لكونهم عنده غير عالمين به
__________________
(١) كلمة «فقد» لم ترد في «ش» .
(٢) في «م» و«س» : «منطبق» .
(٣) في «م» : «يستلزم تنزيل» .