للوجوب حينئذٍ ولو كان الوقوع في الضلال بدونه على سبيل الاحتمال .
وبالجملة : صُوَر الحال هاهنا منحصرة عقلاً في أربع :
أوّلها : كون كلٍّ من الوقوع في الضلال بدون الكتاب وعدمه معلوماً عنده ، وهي التي ينادي بأنّها الصورة الواقعة ظاهر عبارة الحديث والمتبادر منه ، وما هو معلوم من علم النبيّ صلىاللهعليهوآله به وبغيره ، وأنّه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ، وغير ذلك من الوجوه الكثيرة ، وحينئذٍ لا شكّ في كون الأمر للوجوب قطعاً .
وثانيها : ما هو أبعد الكلّ من كونهما معاً محتملاً .
والثالثة والرابعة : احتمال الأوّل مع العلم بالثاني وبالعكس ، وهما أيضاً بعيدان ، ومع هذا لا يصلح حتّى في الصورة الثانية غير الحمل على الوجوب ؛ ضرورة لزوم دفع الضرر المحتمل أيضاً ولو بما يحتمل دفعه به ، هذا كلّه مع قوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) وأمثال ذلك ممّا يدلّ على عدم جواز ترك الأخذ والمسامحة في المتابعة فضلاً عن إجهار المخالفة والتصريح بالمنع من إجراء أمره والاهتمام في دفع إنفاذ قوله ؛ إذ لا شكّ لأحد في كون مثل هذا حراماً ، بل مشتملاً على الاستخفاف بقول اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ولو كان ورود الأمر منهما على غير سبيل الوجوب .
وكذا اعلم أيضاً أنّ من ترك قول الرسول صلىاللهعليهوآله فقد خالف أمر اللّه عزوجل صريحاً ؛ لوجوه عديدة ، منها : قوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ) (٢) ، الآية . فإنّه صريح في أمر اللّه بأخذ ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ،
__________________
(١ و٢) سورة الحشر ٥٩ : ٧ .