و الجواب عنه أوّلا : إنّ البحث
الاصوليّ المذكور لا يمسّ المهمّ من بحث أسباب النزول، لأنّ البحث الاصوليّ يتوجّه
إلى شمول الأحكام المطروحة في الآيات لغير مواردها، و عدم شمولها، فالبحث يعود إلى
أنّ الآية هل تدلّ على الحكم في غير موردها أيضا كما تشمل موردها، أو لا تشمل إلّا
موردها دون غيره؟
ففي صورة الشمول لغير موردها أيضا، يمكن
الاستدلال بظاهرها الدالّ بالعموم اللفظيّ على الحكم في غير المورد.
و أمّا بالنسبة الى نفس المورد فلا بحث
في شمول الآية له، فإنّ شمول الآية له مقطوع به و مجزوم بإرادته، بدلالة نصّ
الآية، و هي قطعيّة لا ظنّية؛ حيث أنّ المورد لا يكون خارجا عن الحكم قطعا، لأنّ
إخراجه يستلزم تخصيص المورد، و هو من أقبح أشكال التخصيص و فاسد بإجماع
الأصوليّين.
قال المقدسيّ في ذيل كلامه السابق، في
حديث له عن الآيات النازلة للأحكام في الموارد الخاصّة، ما نصّه : فاللفظ يتناولها
[ أي الموارد الخاصّة ] يقينا، و يتناول غيرها ظنّا، إذ لا يسأل عن شيء فيعدل عن
بيانه إلى غيره ... فنقل الراوي للسبب مفيد ليبيّن به تناول اللفظ له يقينا،
فيمتنع من تخصيصه .
و قال السيوطيّ : إذا عرف السبب قصر
التخصيص على ما عدا صورته، فإنّ دخول صورة السبب قطعيّ و إخراجها بالاجتهاد ممنوع
كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في «التقريب» و لا التفات إلى من شذّ فجوّز
__________________