و لذا كان الإقدام على تفسير كتاب اللّه تعالى محرّما على أولئك الّذين يجهلون أسباب النزول و يحاولون معرفة معنى الآية، أو الآيات دون الوقوف على أسباب نزولها و قصّتها (١) .
و بلغ اهتمام علماء القرآن بأسباب النزول إلى حدّ عدّه من أهمّ أنواع علوم القرآن.
فجعله برهان الدين الزركشي أوّل الأنواع في كتابه القيّم «البرهان في علوم القرآن».
و أفرد له السيوطي «النوع التاسع» من كتابه القيّم «الإتقان في علوم القرآن» بعنوان «معرفة أسباب النزول».
و سنأتي في الفقرة التالية من هذا البحث على ذكر المصادر العامّة و الخاصّة لهذا الموضوع.
و بالرغم من الأهميّة البالغة لأسباب النزول، فقد عارض بعض هذا الاهتمام، مستندا إلى امور من الضروري عرضها ثم تقييمها :
الأمر الأوّل : إنّه لا أثر لهذا العلم في التفسير :
قال السيوطيّ : زعم زاعم أنّه لا طائل تحت هذا الفنّ [ أي فنّ أسباب النزول ] لجريانه مجرى التاريخ (٢) .
و مع مخالفة هذا الادّعاء لما ذكره الأئمّة و العلماء كما عرفنا تصريحهم بأنّ معرفة أسباب النزول ممّا يلزم للمفسّر حيث لا يمكن الوقوف على التفسير
__________________
(١) معجم مصنفات القرآن الكريم (ج ١ ص ٦ ــ ١٢٧).
(٢) الإتقان (ج ١ ص ١٠٧).