فأولى أن تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية و قصد سبيلها دون الوقوف على قصّتها و بيان نزولها (١) .
و قال السيّد العلّامة الفاني : و أمّا وجه الحاجة إلى شأن نزول الآيات، فلأنّ الخطأ في ذلك يفضي الى اتّهام البريء و تبرئة الخائن، كما نرى أنّ بعض الكتّاب القاصرين عن درك الحقائق، يذكرون أنّ شأن نزول آية تحريم الخمر إنّما هو اجتماع عليّ عليهالسلام مع جماعة في مجلس شرب الخمر، مع أنّ التاريخ يشهد بكذب ذلك، و نرى بعضهم يقول : إنّ قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) إنّما نزلت في شأن ابن ملجم (٢) .
و قال الدكتور البوطي : لمعرفة أسباب نزول الآيات أهميّة كبرى في تجلية معانيها، و الوقوف على حقيقة تفسيرها. إذ ربّ آية من القرآن يعطي ظاهرها دلالات غير مقصودة منها، فإذا وقفت على مناسبتها و سبب نزولها انحسر عنها سبب اللّبس و ظهرت فيها حقيقة المعنى و مدى شموله و اتّساعه (٣) .
و قال الدكتور شوّاخ : نزل القرآن منجّما على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حسب مقتضيات الأمور و الحوادث، و هذا يعني أنّ فهم كثير من الآيات القرآنية متوقّف على معرفة أسباب النزول، و هي لا تخرج عن كونها مجرّد قرائن حول النصّ، و قد حرّم العلماء المحقّقون الإقدام على تفسير كتاب اللّه لمن جهل أسباب النزول.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي (ص ٤).
(٢) آراء سماحة السيّد العلّامة الفاني (حول القرآن) (ص ٢٩).
(٣) من روائع القرآن (ص ٤٠).