يقول البخاريّ في أول صحيحه : ما أدخلت في الكتاب الجامع [ يعني ما اشتهر بالصحيح ] إلّا ما صحّ، و تركت من الصحاح مخافة الطّول.
و قال مسلم في مقدّمة صحيحه : (ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته هاهنا) (١).
و قال الحازميّ : (أما البخاري فلم يلتزم أن يخرج كلّ ما صحّ من الحديث) (٢) .
و نقل عن البخاريّ قوله : (لم أخرج في هذا الكتاب إلّا صحيحا، و ما تركت من الصحيح أكثر) (٣) .
و يمكن أن نعلّل عدم إخراج الصحاح لحديث الحبري، بأنّه معاصر لمؤلّفيها (٤) ، أو هم متقدّمون عليه طبقة، فالبخاريّ توفّي سنة (٢٥٦) و مسلم، (٢٦١) و ابن حنبل (٢٤١) و ابن ماجة (٢٧٣) و الترمذيّ (٢٧٩) و النسائي (٣٠٣) و الحبري توفّي (٢٨٦).
أما الدارقطنيّ المتأخّر (ت ٣٨٥) فقد أخرج له عدّة أحاديث (٥) .
ثمّ إنّ الحاكم النيسابوريّ استدرك على الصحيحين، بعدّة من روايات الحبريّ، و حكم بصحّتها (٦) ، و قد وافقه الذهبيّ ــ المعروف بتشدّده في الجرح و التعديل ــ على تصحيحه ذلك (٧) .
__________________
(١) انظر، تدريب الراوي (ج ١ ص ٩٨) و قواعد في علوم الحديث (ص ٦٣).
(٢) شروط الأئمّة الخمسة (ص ٤٠ ــ ٤١)
(٣) المصدر السابق (ص ٤٢).
(٤) انظر : تعليقة الأستاذ الكوثري على شروط الأئمة (ص ٤٢).
(٥) سنن الدارقطني (ج ٢ ص ٤٢ و ص ٣٥٥) و (ج ٤ ص ٢٧٣).
(٦) لمستدرك على الصحيحين (ج ٣ ص ١٣٨ و ١٥١ و ٢١١).
(٧) تلخيص الذهبي، بذيل المصدر السابق، في نفس المواضع.