الثاني : إنّ الآية المذكورة لم تنزل في خصوص رحم آل محمّد صلّى اللّه عليه و عليهم، و إنّما طبّقت عليهم باعتبارهم قرابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي له حقّ الأبوّة على الامّة، و قد جعل المودّة في قرباه أجرا لرسالته في قوله تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ).
فلا تكون نقضا على الموارد التي صرّح فيها بنزول الآيات على أسباب خاصّة.
و الظاهر أنّ الذي دعا الشيخ الكركيّ إلى تصوّر ارتباط هذا الخبر بموضوع سبب النزول، هو قول الإمام عليهالسلام : (نزلت في رحم آل محمّد).
فإنّ استعمال الحرف (في) ظاهر في سبب النزول كما سيأتي و لكن من الواضح أنّه لم يستعمل هنا في ذلك، و إنّما يراد به دخول المورد في حكم الآية، بقرينة عدم دلالة شيء من الأخبار على أنّ ذلك هو سبب لنزولها بالمعنى المصطلح.
الثالث : إنّ اللّفظ إذا كان عامّا، و لكن علم إرادة الخاصّ منه سواء من جهة التصريح بإرادة خصوصه، أو لانحصاره به ــ فلا بدّ من الإعراض عن العموم و إرادة الخصوص، فقد يكون التصريح بسبب النزول قرينة على نفي العموم، فيكون الحكم في هذا الخبر على إطلاقه غير صحيح.
و الحقّ أنّ مراد الإمام عليهالسلام في هذا الخبر ليس ما ذكر.
بل مراد الإمام عليهالسلام من (الشيء) هو الحكم الإلهيّ الوارد في الآية، سواء كان حكما شرعيا ــ وضعيا أو تكليفيّا ــ أم كان عقائديّا أو أخلاقيّا، فإن جميع الأحكام ــ بموجب حكمة وضعها و عللها الواقعيّة ــ لا