و لا بدّ من الوقوف عند اعتراض ابن تيميّة على أهميّة أسباب النزول، لنذكّر بأنّه إنّما أثار هذه الشبهة محاولة منه لتفويض ما استدلّ به معارضوه، حيث استدلّوا بنزول الآيات في أهل البيت عليهمالسلام بدلالاتها الواضحة الناصّة على فضلهم و أحقيّتهم لمقام الولاية على الأمّة، و الخلافة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في قيادة المسلمين.
و حيث لم يكن لابن تيميّة طريق للتشكيك في أسانيد الروايات الدالّة على نزولها في فضل أهل البيت عليهمالسلام و لا سبيل للنقاش في دلالتها على المطلوب، عمد إلى إثارة مثل هذه الشبهة بإنكار أهميّة أسباب النزول عموما، و التشكيك في إمكان الاستفادة منها في خصوص الآيات النازلة بحقّهم عليهمالسلام ، متّبعا هواه، و راكبا حقده الطائفيّ ضدّ أهل البيت عليهمالسلام . و لكنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع.
الأمر الثالث :
و حاول بعض العلماء التقليل من أهميّة أسباب النزول،
استنادا الى حديث روي عن الإمام الصادق عليهالسلام ، إليك نصّه :
روى الكلينيّ بإسناده عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : ( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ) [ الآية ٢١ من سورة الرعد ١٣ ].
قال : نزلت في رحم آل محمّد عليه و آله السلام، و قد تكون في قرابتك، ثمّ قال : فلا تكوننّ ممّن يقول للشيء إنّه في شيء واحد (١) .
__________________
(١) الكافي، كتاب الإيمان و الكفر، باب صلة الرحم، الحديث (٢٨) و نقله في مرآة الأنوار (ص ٣)، لكنّ الشيخ حسن بن الشيخ علي بن عبد العالي الكركيّ العامليّ في (أطائب