أقدم على الإطاعة رغبة فيها و حبّا للرّسول و مناجاته، و أحجم غيره عنها، مع أنّ المجال كان مفسوحا للجميع قبل أن تنسخ الآية، فبالرغم من ذلك لم يعمل بها غيره.
و لا يمكن أن يفسّر إقدامه و تقاعسهم إلّا على أساس أفضليّته عليهم في العلم و العمل، و تأخّرهم عنه في الرتبة و الكمال.
و بمثل هذه الحكمة يمكننا أن نوجّه افتخار الإمام عليهالسلام بكونه العامل الوحيد بهذه الآية.
فقد روى الحبريّ في تفسيره (١) بسنده، قال : قال عليّ : آية من القرآن لم يعمل بها أحد قبلي، و لا يعمل بها أحد بعدي، أنزلت آية النجوى [ الآية (١٢) من سورة المجادلة (٥٨ ] فكان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا أردت أن أناجي النبيّ صلّى اللّه عليه تصدّقت بدرهم حتّى فنيت ثمّ نسختها الآية التي بعدها : ( فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٢) .
__________________
(١) تفسير الحبري ــ بتحقيقنا ــ الحديث (٦٥) (ص ٣١٤) من الطبعة الثانية هذه.
(٢) ذكر هذا الحديث مرفوعا عن عليّ عليهالسلام في عدّة من التفاسير و المصادر الحديثيّة مثل : تفسير القرطبي (١٧/ ٣٠٢)، و ابن جرير (٢٨/ ١٥)، و ابن كثير (٤/ ٣٢٧)، و مثل : كنز العمال (٣/ ١٥٥)، و مناقب ابن المغازلي (ص ١٤ و ص ٣٢٥)، و كفاية الطالب للكنجي (ص ١٣٥)، و أحكام القرآن للجصّاص (ج ٣ ص ٥٢٦)، و الدرّ المنثور (٦/ ١٨٥).
و رواه في الرياض النضرة للطبري (٢/ ٢٦٥) عن ابن الجوزي في أسباب النزول، و ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص ٢٧٦)، و انظر : جامع الأصول للجزري (٢/ ٢ ــ ٤٥٣)، و فتح القدير (٥/ ١٨٦).
نقلنا هذه التخريجات عن تفسير الحبري، تخريج الحديث (٦٥).