قصر الحجّية على الصحيح الأعلى المعدّل كلّ من رجاله بعدلين ، نظرا إلى إدراج ذلك في البيّنة الشرعيّة ، التي لا تختصّ حجّيتها بالمرافعات على الأقوى ، لما نطق بذلك من الأخبار الصحيحة ، مثل قوله عليه السلام في خبر مسعدة بن صدقة : «والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة» (١) حيث جعل عليه السلام قيام البيّنة رديفا للاستبانة والعلم.
ووجه كون هذا المسلك إفراطا أنّ طريق الإطاعة موكول إلى العقل والعقلاء ، ونراهم يعتمدون في أمور معاشهم ومعادهم على كلّ خبر يثقون به من أيّ طريق حصل لهم الوثوق والاطمئنان ، فلا معنى لقصر الحجّية على الصحيح الأعلى ـ كما عليه جمع ـ ، ولا مطلق الصحيح ـ كما عليه آخرون ـ ، ولا هو والموثّق والحسن ـ كما عليه ثالثة ـ بل المدار على حصول الوثوق
__________________
(١) ـ وسيرته في كتاب المنتقى ، فلاحظ ؛ حيث لا يصحّ عنده إلاّ ما يرويه العدل المنصوص عليه بالتوثيق بشهادة ثقتين عدلين ، أو يراد منه صاحب المدارك ، وقد سلفت مبانيهم في المقباس.
(٢) كما في الكافي ٣١٣/٥ حديث ٤٥ ، وفيه قبل ذلك : «.. والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ..».
وأورده في بحار الأنوار ٢٧٣/٢ حديث ١٢ ، وجاء في الاستبصار ٤١٥/٢ حديث ١٤ ، وصفحة : ٢١٧ حديث ٢ ، ووسائل الشيعة ٨٩/١٧ رواية ٢٢٠٥٣ [طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام] ، والتهذيب ٢٢٦/٧ حديث ٩ ، وقريب منه في التهذيب ١٢١/١٠ حديث ١٠٣.