فلابدّ من الرجوع إلى علم الرجال عملا بما مرّ في الصغرى من العلم الإجمالي والأخبار ، وإلاّ للزم تحليل الحرام وتحريم الحلال مع التمكّن من التشخيص والتمييز بالرجوع إلى علم الرجال ، فثبت لزوم الرجوع إليه ، وهو المطلوب (١).
خامسها : [لزوم الفحص لعدم اعتبار خبر الفاسق بل المنع من الأخذ به] إنّ قول الفاسق وخبره ـ مع العراء عن التثبّت وقرائن الصدق والجابر ـ غير معتبر شرعا ، والعمل به مذموم عقلا ، منهيّ عنه شرعا ، لقوله سبحانه : (إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ..) الآية (٢) ، وحيث إنّ كلّ خبر لم يحرز حال رجاله يحتمل كون بعض رجاله فاسقا ، لم يجز عند العقلاء الأخذ به قبل الفحص عن حال رجاله والتثبّت ، وسدّ باب احتمال كون بعض رواته فاسقا ، وذلك لا يكون إلاّ بمراجعة أحوال رجال السند ، فظهرت الحاجة إلى علم الرجال (٣).
سادسها : [الإجماع على المنع من العمل بخبر الفاسق العاري عن قرائن الصدق] الإجماع ـ حتّى ممّن عدا الحشويّة من الأخباريّين ـ على المنع من العمل بخبر الفاسق العاري عن قرائن الصدق ، غاية ما هناك أنّ الأخباريّة ينازعون في الصغرى ، ويدّعون وجود قرائن الصدق مع كلّ خبر ، ولازمه عدم جواز العمل بها مع العراء عن قرائن الصدق ، ولا اعتناء بخلاف الحشويّة في العمل بكلّ خبر حتّى الفاقد للقرينة بالمرّة.
__________________
(١) لا يخفى ما هناك من التعقيد اللفظي والمعنوي في تقرير هذا الوجه .. فتدبّر.
(٢) سورة الحجرات(٤٩) : ٦.
(٣) لقد أجمل الكاظمي رحمه اللّه في التكملة ٢٩/٢ في بيان هذا الاستدلال كوجه ثان للحاجة إلى علم الرجال ، فراجعه.