ولا يخفى ان القائلين بهذه المذاهب الثلاثة ، يحتمل أن يقولوا بأنه مقارن القدرة غير مؤثرة من العبد . كما نقل عن الاشعري في جميع أفعال العباد الاختيارية التي منها النظر . وأن لا يقولوا أنه بجعله كالافعال الاضطرارية للعباد كحركة المرتعش .
الرابع : وهو الذي اختاره المصنف . وينسب الى المعتزلة (١) أيضاً . هو أنه كالنظر من أفعالنا الاختيارية التي تصدر عنّا بدون شريك ، لكن النظر صادر عنا بمباشرة ، أي بلا توسط فعل آخر . وهو صادر عنّا بتوليد . أي بتوسط فعل النظر المستلزم له عقلا ، وهو ، النظر الذي يكون شروط توليده جزءاً منه ، أو لازمة له . وسنوضحه عند قول المصنف ( والنظر في الدليل من الوجه الذي يدل ) يوجب العلم .
لا يقال : ينافي هذا المذهب الرابع ما روي في الكافي . في كتاب التوحيد في باب بعد باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع : المعرفة ، والجهل ، والرضا ، و الغضب ، والنوم ، واليفظة (٢) .
لانا نقول : المعرفة لغة : التصور ، أو تصور البسيط . كما نقل عن أهل اللغة (۳) ، ان العلم متعد الى مفعولين ، والمعرفة الى مفعول واحد . والمراد بالمعرفة تذكر العلم السابق بعد غيبته عن الذهن .
قالوا : لا يطلق على الله تعالى العارف ، لانه لا غفلة فيه ، ويطلق على غيره
_________________________
(١) المعتزلة : ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ، ويلقبون بالقدرية والعدلية أيضاً . الملل والنحل ١ : ٤٣ .
(۲) اصول الكافي ١ : ١٦٤ ( باب اختلاف الحجة على عباده ) حديث ١ .
(۳) نقله الفخر الرازي في التفسير الكبير ١ : ٢٠٥ .