مما قاله بعضهم (۱) من أنه ما لا يمكن العالم به دفعه عن نفسه بشك
____________________________________________
شابه البرهان وليس برهان كالمغالطة ، والخطابة ، والشعر.
(۱) قوله (وهذا الحد أولى مما قاله بعضهم الخ) حاصله ان القوم، اختلفوا في العلم بالبلدان ، والوقايع ، وما جرى مجراهما . هل هو من الضرورية ، أو المكتسبة ، أو على الوقف .
وهو انما يكون بعد الاتفاق على معناهما ، لئلا يكون النزاع لفظياً بأحد المعنيين . فانه معلوم البطلان فيما نحن فيه .
فالاولى تفسيرهما بما يصلح للنزاع ، وما قاله بعضهم لا يقبل النزاع، لانه على هذا المعنى ضروري ، ضرورة . فان العقل يجد عدم الفرق بين العلم بالبلدان ، والضروريات في ذلك ضرورة . وقس على ذلك ما ذكره في العلاوة.
هذا ويرد مثل ذلك على حد المصنف أيضاً ، لان الفلاسفة ذهبوا الى أن فاعلي العلوم ضروريها ، ومكتسبها ، هو المبدأ الفياض ، لاجل الاستعداد .
والاشاعرة (٢) ذهبوا الى أن الجميع باجراء الله تعالى عادته به ، فحد الضروري غير مطرد ، وحد المكتسب على العكس ، وفوق عدم الانعكاس .
اللهم الا أن الانبياء بخلافهم ، لان مسألة ايجاد العباد للافعال المنسوبة اليهم بالمباشرة ، أو التوليد ، معركة مفروغ عنها هنا. لانها من فن الكلام المقدم على فن اصول الفقه .
ومعلوم ان الحركة الذهنية حين النظر ، المنتهية الى النتيجة ، كساير أفعال العباد ، والاختيارية ، والعلم الحادث بالنتيجة ، مولد عنه كما سيجيء
__________________
(۲) هم أصحاب أبي الحسن على بن اسماعيل الاشعرى المتوفى سنة ٣٢٤ . و اليه تنسب الفرقة . الملل والنحل ١ : ٩٤ .