فأما ترجيح الخبرين على الآخر من حيث ان أحدهما يقتضى الحظر والآخر الاباحة والاخذ بما يقتضى الحظر أولى أو الاباحة ، فلا يمكن الاعتماد عليه على ما نذهب اليه في الوقف، لان الحظر والاباحة جميعاً عندنا مستفادان بالشرع ، فلا ترجيح بذلك، وينبغى لنا التوقف (۱) فيهما جميعاً ، أو يكون الانسان فيهما مخيراً في العمل بأيهما شاء .
واذا كان أحد الراوبين يروى الخبر بلفظه ، والآخر بمعناه ، ينظر في حال الذي يرويه بالمعنى ، فان كان ضابطاً عارفاً بذلك ، فلا ترجيح لاحدهما على الآخر، لانه قد ابيح (۲) له الرواية بالمعنى واللفظ معاً فأيهما كان أسهل عليه رواه، وان كان الذي يروى الخبر بالمعنى لا يكون ضابطاً للمعنى أو يجوز أن يكون غالطاً فيه، ينبغى
____________________________________________
الكذب .
(۱) قوله (وينبغي لنا التوقف الخ) التوقف مبني على ان التعارض يوجب اسقاط الخبرين والرجوع الى ما يقتضيه العقل ، والتخيير مبني على ان التعارض انما يقتضي اسقاط تعين العمل بأحدهما لا اسقاط جواز العمل. وقد مر ان مختار المصنف التخيير، وهذا يؤيد عدم الترجيح بافادة زيادة الظن والا فالاباحة عدمي وهو موافق للاصل .
(۲) قوله (لانه قد ابيح الخ) هذا أيضاً يؤيد عدم جواز الاستدلال على الترجيح بافادة زيادة الظن تدبر .