والشافعي
، ومالك . ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه ، ولم ينته الى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفه ، فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزاً لما جاز ذلك ، و
_________________________
يبيّن الاحكام كأبي حنيفة أو لم يقصر وبيّن واضاعها الاصحاب ، وهل اتكل على القرآن مع ان القرآن يتمسك به كل مخالف للحق ويجادل حتى كاد ان يغلب المحق ، أو وصّى أن يتمسك الناس بأهل بيته في بيان القرآن بقوله صلى لله عليه وآله « اني تارك فيكم الثقلين . . . الحديث » (۱) فلم يلتفت اليه الاصحاب وتاهوا في أودية الضلالة ، ورجعوا القهقرى ، ولم يقدروا أهل البيت وأصحابهم على قلتهم . ينبغي للعاقل أن لا يدخل نفسه النار لاتباع الاباء والملوك ، أو ظاهر الرياسة ، وكثرة الاعوان ، أو كثرة فتح البلاد وادخال أهلها في الاسلام ، فانه روى البخاري (۲) عن النبي صلىاللهعليهوآله انه قال : « ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر » (۳) فهذا قدح في قولهم ( الصحابة كلهم عدول ) مع علمهم بأنهم تركوا النبي صلىاللهعليهوآله ذاهبين الى التجارة والى اللهو .
وأما اختلاف شيعة أهل البيت ، فهو لاجل السابقين حيث كفوا أيدي أهل البيت عن التصرف في حقهم وقهروهم على الاختفاء ، واخفاء الاحكام و اختلاف الفتاوى . « ونعم الحكم الله ان يوم الفصل كان ميقاتاً » (٢) .
_________________________
(۱) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٤ و ١٧ .
(۲) أبو عبد الله ، محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة البخاري . روى عنه جمع كثير وصنف كثيراً ، وأهم ما صنفه صحيحه الذي سمى باسمه مات سنة ( ٢٥٦ هـ ) .
(۳) صحيح البخارى ، كتاب الجهاد والسير ، باب ۱۸۳ .
(٤) النباء : ١٧ .