ممن يرجع الى الاخبار في هذه المسائل، فلا يمكن اسناد ذلك الى قوم علماء متميزين ، وان قال ذلك غفلة بعض أصحاب الحديث ، فذلك لا يلتفت اليه على ما بيناه .
فان قيل : كيف تعملون بهذه الاخبار، ونحن نعلم ان رواتها أكثرهم كمارووها رووا أيضاً أخبار الجبر (۱) والتشبيه، وغير ذلك من الغلو والتناسخ، وغير ذلك من المناكير، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء؟
قيل لهم ليس كل الثقات (۲) نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك مما ذكر في السؤال، ولو صح انه نقله لم يدل على انه كان معتقداً لما تضمنه الخبر ولا يمتنع أن يكون انما رواه ليعلم انه لم يشذ عنه شيء من الروايات، لا لانه يعتقد ذلك. ونحن لم نعتمد على مجرد نقلهم، بل اعتمادنا على العمل الصادر من جهتهم، وارتفاع النزاع فيما بينهم، فأما مجرد الرواية فلاحجة فيه على حال .
____________________________________________
(۱) قوله (أخبار الجبر) الظاهر ان الجبر هنا مقابل اختيار العبد لما مر في كلامه رحمهالله من اطلاق المجبرة على ما يشمل الاشاعرة، ويحتمل بعيداً أن یراد به ما يقابل اختيار العبد وكسبه ، وأبعد منه أن يراد مقابل قدرة الله
(۲) قوله (قيل لهم : ليس كل الثقات) الظاهر ان (ليس كل) هاهنا مستعمل في السلب الكلي .