العلم (۱) دون خبر الواحد الذي لا يوجبه
____________________________________________
(۱) قوله (وذلك يوجب العلم) للتواتر ويحتمل أن يراد انه يوجب العلم بظاهره ، بناءاً على ما مر من مذهبه . ثم الصواب في هذا المقام أيضاً أن يقال ان قوله تعالى في سورة البقرة : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (۲) يدل بظاهره على عدم جواز العمل بخبر الواحد على ما يذهب اليه مخالفونا وهو أن يكون مناط العمل الظن بحكم الله الواقعي، وذلك بأن يكون المراد بالبينات المحكمات الناهية صريحاً عن اتباع الظن ، وعن الاختلاف عن الظن أو الاعم منها ومن سائر المحكمات. وعلى الأول من بيانه، وعلى الثاني تبعيضه .
والمراد بكتمان ما أنزل الله من البينات تأويله أو تخصيصه اتباعاً للهوى وحبا للاجتهاد الظني ، كما هو دأب المفسرين المخالفين .
والهدى عطف على (ما) والمراد به الامام العالم بجميع أحكام الله تعالى المعصوم عن الخطاء . ذلك ذكر الله ، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء، ومن يضلل الله فماله من هاد.
وضمير بيتناه للهدى ، والمراد ان تلك البينات صريحة الدلالة للناس على وجود الهدى في كل زمان الى انقراض الدنيا ، فمن كتمه كان مكابر النفسه كما في قوله تعالى : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ) (۳) .
__________________
(۲) البقرة : ١٥٩ ـ ١٦٠ .
(٣) النمل : ١٤ .