والثاني: انه ليس من يمنع (۱) من تجويز الجهالة في خبر العدل من حيث علق الحكم بخبر الفاسق بأولى ممن قال: أنا أمنع بحكم التعليل من دليل الخطاب في تعليق الحكم بخبر الفاسق ، لانه لا يمتنع ترك دليل الخطاب لدليل، والتعليل دليل، فيسقط على كل حال التعلق بالاية.
واستدل قوم بقوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ ) (۲) الآية وقالوا حظر الكتمان يقتضى وجوب الاظهار ، ووجوب ذلك يقتضى وجوب القبول والا فلا فائدة في الآية .
وهذه الآية أيضاً لا دلالة فيها من وجوه :
منها : ما قدمناه في الآية الأولى من ان ها هنا مواضع كثيرة يجب الانذار فيها والتخويف، وان لم يجب القبول على المنذر الا أن ينضاف اليه امر آخر فكذلك القول في الاظهار .
ومنها انه ليس في الآية الا تحريم كتمان ما أنزله الله تعالى في الكتاب، وظاهر ذلك يقتضى ان المراد به القرآن، وذلك يوجب
__________________
(۱) قوله (والثاني انه ليس من يمنع الخ) حاصله لوجو زنا حصول العلم بخير العدل، لا نجعله أقرب من المنع من دليل الخطاب ، قلنا المنع للمعارض.
__________________
(٢) البقرة : ١٥٩ .