وان كان لا يحصل العلم بخبره، ولا يجب علينا أن نعتقد صحة ما أخبر به الا بعد أن ينضاف من يتكامل به التواتر اليهم. فحينئذ يوجب العلم، ولذلك نظائر كثيرة في العقليات (۱) .
ألا ترى انه قد يجب على الواحد منا العطية الى غيره، وان كان ذلك الغير لا يجوز له أخذها ، ألا ترى ان من ألجاء غيره ظلماً بتخويف القتل الى اعطائه المال أو الثياب، يجب عليه اعطائه بحكم العقل خوفاً من القتل، ولا يجوز للظالم الملجيء أخذ ذلك على وجه من الوجوه .
وليس لاحد أن يقول : ان هذا يبطل فائدة الانذار، لانه متى لم يجب القبول فلا وجه لوجوب الانذار عليهم. وذلك انا قدبينا انه قد يجب الانذار في مواضع ذكرناها، وان لم يجب القبول من المنذر لما بيناه، فكذلك القول فيما قالوه .
فأما حملهم (۲) ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله فذلك دليلنا (۳) لانا قدبينا أنه لا يجب القبول منه الا بعد أن يدل العلم
____________________________________________
(۱) قوله : (في العقليات ) المراد بالعقليات ما يعلم ترتب ضرر دنیوی أو نفع دنيوى عليه بالعادة، من حيث هو كذلك . أو الأمور التي يعلم وجوبها أو حرمتها بالعقل ، بدون اخبار الشارع من حيث هي كذلك .
(۲) قوله : ( فأما حملهم ) أي قياسهم .
(۳) قوله : (دليلنا ) المراد سند لمنعنا ، يمكننا أن نستدل به على بطلان