وليس لاحد أن يقول : اذا لم يكن فى السمع (۱) دلالة على الحادثة الاما تضمنه خبر الواحد، وجب العمل به بحكم العقل. لانا متى لم نعمل به أدى الى أن تكون الحادثة لاحكم لها، وذلك لا يجوز. لانه اذا لم يكن في الشرع دليل على حكم تلك الحادثة وجب تبقيتها على مقتضى العقل (۲) من الحظر، أو الاباحة، أو الوقف. ولا يحتاج الى خبر الواحد، فعلم بهذه الجملة بطلان هذا المذهب .
وأما من أوجب العمل به على ما يذهب اليه مخالفونا في الاحكام فالذي يبطله أن نقول : اذا لم يكن فى العقل ما يدل على ذلك ، فالطريق الى ايجابه السمع، وليس فى السمع دليل على وجوب العمل بخبر الواحد على ما يذهبون اليه، لان جميع ما يدعونه دليلا ليس في شيء منه دليل على وجه ونحن نذكر شبههم في ذلك
____________________________________________
الاقدام على مالا يؤمن ضرره بحسب العقل وارتكاب أقل القبحين واجب في نظر العقل .
(۱) قوله (اذا لم يكن في السمع) هذا يدل على ان مطلوب المستدل اثبات التعبد به فيما لا يمكن تحصيل القطع لا مطلقاً .
(۲) قوله ( وجب تبقيتها على مقتضى العقل الخ ) لا يخفى ان العقل انما يحكم بالاباحة أو الحظر أو الوقف فيما لا يترجح عنده أحد الطرفين بحسب الظن ، كما سيجيء ان شاء الله تعالى في مبحثه ، لكن المصنف انما ذكر هذا سنداً لمنع خلو الحادثة عن الحكم وهو متوجه .