وأما ما يقوم مقام التواطؤ من الاسباب الجامعة، كتخويف السلطان وما يجرى مجراه ، فلابد أيضاً من ظهوره، وعلم الناس به ، لان الجماعة لا تجتمع على الأمر الواحد لاجل خوف السلطان الا بعد أن يظهر لهم غاية الظهور، وما هذه حاله لابد من العلم به والقطع على فقده اذا لم يعثر عليه (۱) .
وأما ما به يعلم ارتفاع اللبس والشبهة عن مخبر الخبر الذي خبرت به الجماعة ، فهو أن تخبر الجماعة عن أمر مدرك ، اما بمشاهدة أو بسماع، ويعلم انتفاء اسباب اللبس والشبهة عن ذلك المخبر ، فان أسباب التباس المدركات معلومة محصورة ، يعلم انتفاؤها حيث ينتفى ضرورة .
فأما ما به يعلم ثبوت الشرائط التي ذكرناها في الطبقات التي تروى الخبر، فهو ان العادات جارية بأن المذاهب والاقوال التي تقوى بعد ضعف، وتظهر بعد خفاء ، وتوجد بعد فقد ، لا بد أن يعرف ذلك من حالها، ويفرق العقلاء المخالطون لاهلها بين زمانی فقدها ووجودها ، وضعفها وقوتها، ولهذا علم الناس كلهم ابتداء حال الخوارج، وظهور مقالة الجهمية والنجارية (۲) ومن جرى
____________________________________________
(۱) قوله (اذا لم يعثر عليه) أي لم يعثر عليه من خالطهم .
(۲) قوله ( مقالة الجهمية ، والنجارية) الجهمية منسوبة الى جهم بن