بالمدرك عند ادراكه ، وبين أن يفعل هذا العلم بعينه عند بعض الاخبار عنه ؟ .
وانما لم يجز أن يكون المشاهد مستدلا عليه ، لان المشاهد معلوم ضرورة للكامل العقل، فلا يصح ان يستدل وينظر فيما يعلمه لان من شرط صحة النظر ارتفاع العلم بالمنظور اليه .
وأما الشبهة الثانية فبعيدة عن الصواب ، لانها مبنية على الدعوى (۱) لان خصومه لا يسلمون ان العلم بمخبر الاخبار عن البلدان، وماجرى مجراها يقع عقيب التأمل لصفات المخبرين. بل يقولون: انه يقع من غير تأمل لاحوال المخبرين ، وانه انما يعلم أحوال المخبرين بعد حصول العلم ( ۲ ) الضرورى له بما أخبروا عنه .
وتعلق من ذهب الى أن هذا العلم ضرورى بأشياء :
منها : ان العلم بمخبر هذه الاخبار لو كان مكتسباً وواقعاً عن تأمل حال المخبرين وبلوغهم الى الحد الذي لا يجوز أن يكذبوا، لوجب أن يكون من لم يستدل على ذلك، ولم ينظر فيه من العوام
____________________________________________
(۱) قوله (مبنية على الدعوى) أي على ما هو في حكم الدعوى، في انه مسلم للخضم مثله .
(۲) قوله (بعد حصول الخ) لاحاجة الى دعوى البعدية، بل يكفي المعية بل يكفي القبلية أيضاً بدون الترتيب .