ذلك ضرورياً، لانه لو جاز (۱) كون العلم بالغائبات ضرورياً، جاز أن يكون العلم بالمشاهدات مستدلا عليه .
واستدل أيضاً بأن العلم بمخبر الاخبار، انما يحصل بعد تأمل أحوال المخبرين بها وصفاتهم، فدل ذلك على انه مكتسب .
فيقال له فيما ذكره أولا : لم زعمت ان العلم بالغائب عن الحس لا يكون ضرورياً ، أوليس الله تعالى قادراً على فعل العلم بالغائب مع غيبته، فما المنكر من أن يفعل بمجرى العادة عند اخبار جماعة مخصوصة ، وليس له أن يدعى ان ذلك غير مقدور له تعالى كما يقول : ان العلم بذاته تعالى (۲) لا يوصف بالقدرة عليه .
لانه يذهب الى أن العلم بالمدركات قد يكون من فعل الله تعالى على بعض الوجوه وليس يفعل العلم بذلك الا وهو في مقدورة وليس كذلك على مذهبه العلم بذاته تعالى، لانه لا يصح وقوعه منه على وجه من الوجوه ، وعلى هذا أي فرق بين أن يفعل العلم
____________________________________________
(۱) قوله (لانه لوجاز الخ) ظاهره انه استدلال على الشرطية ، فيتوجه عليه منع ظاهر، ويمكن أن يكون تنظيراً للشرطية، والمصنف رحمهالله راعى في الجواب كلا الاحتمالين لان قوله (فيقال الى قوله وانما لم يجز ناظر) الى الاحتمال الثاني. وقوله (وانما لم الخ) ناظر الى الاحتمال الاول .
(۲) قوله ( كما يقول: ان العلم بذاته) أي علم غيره بكنه ذاته، وفيه اشارة الى توجه المنع على دليل امتناع العلم .