والهام منه وارادة ، كما ألهم الملائكة طاعته ، وعرّفهم نفسه بلا شبهة ولا كيف ( الحديث ) (١) .
وهذا يدل على انه كسبي . وقوله عليهالسلام : باستدلال والهام منه اشارة الى انه غير واجب شرعاً على المكلفين ، بل يجب على الله أن يلهمهم النظر ، و يفعل بهم الدواعي اليه ، حتى يريدوه . وقد مر بيانه في الفصل الاول ، فلا ينافي الضرورة بالمعنى الذي ذكرناه .
وحاصل استدلاله عليهالسلام : انه مدبر مصنوع ، وكل مدير مصنوع ظهر المعجز على يده مقارناً لدعواه فهو فعل من ليس بمدير مصنوع لتصديقه بناءاً على ان المدير المصنوع لا يقدر على فعل مثله ما هو بمحض قول ( كن ) .
ومعنى قوله : ما عرفت الله بمحمد ، ان معرفة وجود الفاعل بمحض قول ( كن ) لا تتوقف على تبليغ رسول ، بل تحصل بالنظر في ملكوت السموات و الارض ، وما خلق الله من شيء كما في الكافي ، في كتاب التوحيد ، في باب ( في انه تعالى لا يعرف الا به ) (۲) .
ثم من ذهب الى أنه ضروري عادي ليس مذهبه انه يحصل من تكرر المشاهدة حتى يعترض عليه بانه لا يجري في النبي الاول فلا يجري في نبي أصلا اذ العادة فرع العلم بتكرر الوقوع ، بل مراده ان الله تعالى أجرى عادته بخلق العلم الضروري عقيبه بدون لزوم .
فان قلت : شرط العلماء في المعجز شروطاً كعدم كونه من فعل المدعي ، وعدم امكان معارضته ، ونحو ذلك .
قلت : تحقيقها في أنفسها شرط للاعجاز وافادة العلم ، لا أن العلم بها شرط
_________________________
(١) التوحيد : ٢٨٦ حديث ٤ .
(٢) الكافي ١ : ٨٥ .