فان قلت: انما يتسم ما ذكرتم ان كان العلم بالصدق الحاصل بعد اظهار المعجز ضرورياً، واما اذا كان كسبياً فيتوقف على العلم بجميع ذلك فيشمل الدليل العقلي و السمعي على الجميع على الدور ، فهل هو ضروري أو كسبي ؟ .
قلت: قد اختلفت عبارات العلماء فيه فصاحب الموافق، وصاحب المقاصد جعلاه من الضروريات العادية .
قال صاحب المواقف اذا أتى يعنى مدعى النبوة بما يعلم بالضرورة أنه خارق العادة وعجز من في قطره عن المعارضة، علم ضرورة صدقه (انتهى) (۱) .
وقال صاحب المقاصد وشرحه ، في البحث على من استدل بالسمعيات على ان فاعل أفعال العباد هو الله .
والجواب عنه : فان قيل : التمسك في الكتاب والسنة يتوقف على العلم بصدق كلام الله تعالى، و كلام الرسول صلىاللهعليهوآله ، ودلالة المعجزة ، وهذا لا ينافي مع القول بأنه خالق لكل شيء حتى الشرور والقبائح، وانه لا يقبح منه التلبيس والتدليس والكذب واظهار المعجزة على يد الكاذب ونحوذلك، مما يقدح في وجوب صدق كلامه، وثبوت النبوة، ودلالة المعجزات .
قلنا : العلم بانتفاء تلك القوادح، وان كانت ممكنة في نفسها من العاديات الملحقة بالضروريات ، على ان هذا الاحتجاج انما هو على المعترفين بحجية الكتاب والسنة والمتمسكين بهما في نفس كونه تعالى خالقاً للشرور والقبائح و أفعال العباد ، فلو توقف حجيتهما على ذلك كان دوراً (انتهى) (۲) (۳) وأنت
__________________
(۱) المواقف : الموقف السادس في السمعيات ، المرصد الأول في النبوات المقصد الثاني حقيقة المعجزة) .
(۲) شرح المقاصد ( البحث في النبوة ، وجه دلالة المعجزة على صدق دعوى الرسالة).
(۳) من هنا سقط من النسخة المطبوعة .