فالحسن على ضربين : ضرب منه ليس له صفة زائدة على حسنه (۱) وذلك يوصف بأنه مباح (۲)
_________________________
اللهم الا أن يكون ( اذا ) ظرفاً لـ ( قال ) ولا يكون من تتمة عبارة القوم ، و يكون اشارة الى اعتراض عليهم ، بناءاً على الاحتمال الثاني ، وهذا النزاع يشبه النزاع في مدلولات الالفاظ .
(۱) قوله ( ضرب منه ليس له صفة زائدة على حسنه ) المتبادر منه كونه في أقل مراتب الحسن ، وفيه أنه ينافي الحصر في الحسن والقبيح ، وجعل المكروه خارجاً عن القبيح كما سيذكره . ويحتمل أن يكون المراد عدم استحقاق المدح على فعله وتركه ، ويلزمه عدم استحقاق الذم على فعله وتركه .
(۲) قوله ( وذلك يوصف بأنه مباح ) قد مرّ سابقاً امتناع تحقق المباح العقلي في حق الله تعالى للزوم العبث ، وهو ممتنع في حق العباد أيضاً كذلك لان العبث وان كان لا يذم العباد عليه مطلقاً بل اذا كان في حصوله مشقة ، فانه لا يذم العباد عرفاً على تحريك أنملة بدون نفع ، أو لحظة زائدة ، ولو ذمهم ذام على ذلك ، لاستحق الذام الذم . لكن لا شك أن تركه أولى من فعله ، فيمدح تاركه . وان لم تكن فيه مشقة فيدخل في المكروه لا في المباح .
وامّا المباح الشرعي فلا شك في تحققه في حق العباد ، وخلاف الكعبي (۳) ليس فيه ، فانه انما توهم ان كل مباح باعتبار واجب باعتبار آخر . وربما نقل عنه انه قال : كل مباح مأمور به . واستدل عليه على ما قيل : بأن كل مباح
_________________________
(۳) أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم الكعبية ، وهو صاحب مقالات ، وله اختيارات في علم الكلام توفى سنة ( ۳۱۷ هـ ) .