ونظير ذلك ما تمسّك به في «المسالك» على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها في العدّة ، من قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ)(١) فاستدلّ بتحريم الكتمان ووجوب الإظهار عليهنّ على قبول قولهنّ بالنسبة إلى ما في الأرحام.
فإن قلت : المراد بالنّفر النّفر إلى الجهاد ، كما يظهر من صدر الآية ، وهو قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)(٢) ومن المعلوم أنّ النفر إلى الجهاد ليس للتفقّه والإنذار.
نعم ، ربّما يترتّبان عليه ، بناء على ما قيل : من أنّ المراد حصول البصيرة في الدين من مشاهدة آيات الله وظهور أوليائه على أعداءه ، وسائر ما يتفق في حرب المسلمين مع الكفار من آيات عظمة الله وحكمته ، فيخبروا بذلك عند رجوعهم إلى الفرقة المتخلّفة الباقية في المدينة ، فالتفقّه والإنذار من قبيل الفائدة لا الغاية حتى تجب بوجوب ذيها.
____________________________________
أن يكون وجوب الإنذار لغوا كما لا يخفى.
(ونظير ذلك ما تمسّك به في «المسالك» على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها في العدّة من قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ)) حيث يجب على النساء إظهار ما في الأرحام من الحمل بمقتضى الآية الدّالة على حرمة الكتمان ، وحينئذ يجب قبول قولهن وتصديقهن ، وإلّا لزم أن يكون الإظهار لغوا.
نعم ، غاية الواجب ليست واجبة إذا لم تكن من الأفعال المتعلّقة للتكليف ، كما في قول القائل : تب لعلك تفلح ، وأسلم لعلّك تدخل الجنة ، فإنّ الفلاحة ودخول الجنة في المثال المذكور ، والتذكر والخشية في الآية المذكورة لم تكن متعلّقة للتكليف ، بل هي من الآثار العقلية المرتّبة على التوبة والإسلام وغيرهما.
(فإن قلت : المراد بالنّفر النّفر إلى الجهاد ، كما يظهر من صدر الآية ، وهو قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)).
وحاصل الإشكال : إنّ المراد بالنّفر النّفر إلى الجهاد بقرينة صدر الآية ، حيث يكون المراد من النّفر فيه هو النّفر إلى الجهاد ، وحينئذ لا يكون الإنذار والتّفقّه غاية للنّفر حتى يجب من باب غاية الواجب واجبة ، ثمّ يجب القبول حتى لا يكون وجوب الإنذار لغوا ، بل
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) التوبة : ١٢٢.