يُلَقَّاها) أي يؤتي الخصلة التي هي أحسن (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ) ثواب (عَظِيمٍ) (٣٥) (وَإِمَّا) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة (يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) أي يصرفك عن الخصلة وغيرها من الخير صارف (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) جواب الشرط ، وجواب الأمر محذوف ، أي يدفعه عنك (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) للقول (الْعَلِيمُ) (٣٦) بالفعل (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) أي الآيات الأربع (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣٧) (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) عن السجود لله وحده (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) أي فالملائكة (يُسَبِّحُونَ) يصلون (لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) (٣٨) لا يملون
____________________________________
إن أخاك الحق من كان معك |
|
ومن يضر نفسه لينفعك |
ومن إذا ريب الزمان صدعك |
|
شتت فيه شمله ليجمعك |
قوله : (في محبته) هذا هو وجه الشبه. قوله : (إذ فعلت ذلك) أي الإحسان للعدو. قوله : (التي هي أحسن) الأوضح أن يقول : وهي مقابلة الإساءة بالإحسان. قوله : (ثواب) (عَظِيمٍ) وقيل : المراد بالحظ الخلق الحسن وكمال النفس.
قوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) إلخ ، المراد بالنزغ الوسوسة ، والمعنى : وإن يوسوس الشيطان بترك ما أمرت به فاستعذ بالله ، أي اطلب التحصن من شره ، ومن جملة وسوسته الغضب ، فإنه ربما يحمله على ارتكاب منهي عنه ، فإذا حصل عنده فليدفعه باستعاذة ، فإن لم يزل فليدفعه بالسكون ، ثم بالجلوس إن كان قائما ، ثم بالاضطجاع إن كان جالسا ، فإن لم يزل بعد ذلك ، ذهب من المكان الذي هو به. قوله : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) تعليل لما قبله ، وفي هذه الآية دليل على استعمال التعوذات في الصباح والمساء ، لأن الإنسان بينهما لا يخلو من نزغات شيطانية ، فلذلك ورد في الأحاديث وفي كلام العارفين ، كثرة التعوذ في هذين الوقتين ، فتدبر.
قوله : (وَمِنْ آياتِهِ) خبر مقدم ، و (اللَّيْلُ) وما عطف عليه مبتدأ مؤخر ، والمعنى : ومن دلائل قدرته وانفراده بالألوهية الليل إلخ ، أي ظهور كل من هذه الأربع. قوله : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) خصهما بالذكر ، لأن الكفار عبدوهما من دون الله. قوله : (أي الآيات الأربع) وإنما عبر عنها بضمير الإناث ، مع أن غالبها مذكر ، والعادة تغليب المذكر لا العكس ، نظرا للفظ الآيات ، فإن مفرده آية وهو مؤنث. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي تفردونه بالعبادة ، فاتركوا عبادة غيره. قوله : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) أي تكبروا وعاندوا ، حيث جعلوا ما به الهدى والدلالة على توحيد الله إلها معبودا.
قوله : (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) علة لجواب الشرط المحذوف ، والتقدير فلا تنعدم العبادة لأن الذين إلخ ، والعندية عندية مكانة وشرف لا مكان ، فهو كما تقول : عند الملك من الجند كذا وكذا. قوله : (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) هذا من مجاراة الكفار ، وإلا فلو ترك جميع الخلق عبادته ، لم ينقص ملكه شيء ، لما في الحديث : «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل