(لَيَخْرُجُنَّ قُلْ) لهم (لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) للنبي خير من قسمكم الذي لا تصدقون فيه (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٥٣) من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن طاعته بحذف إحدى التاءين خطاب لهم (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) من التبليغ (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) من طاعته (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٥٤) أي التبليغ البين (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) بدلا عن الكفار (كَمَا اسْتَخْلَفَ) بالبناء للفاعل والمفعول (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من بني إسرائيل بدلا عن الجبابرة (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) وهو الإسلام بأن يظهره على جميع الأديان ويوسع
____________________________________
وَبِالرَّسُولِ). قوله : (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ جَهْدَ) منصوب على المفعولية المطلقة. والمعنى جهدوا اليمين جهدا ، حذف الفعل واقيم المصدر مقامه ، وأضيف إلى المفعول كضرب الرقاب ، وهذه الآية نزلت لما قال المنافقون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أينما كنت نكن معك ، لئن خرجت خرجنا ، ولئن أقمت أقمنا ، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا. قوله : (لَيَخْرُجُنَ) اللام موطئة للقسم ، ويخرجن فعل مضارع مؤكد بالنون ، وأصله ليخرجونن ، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ، فالتقى ساكنان الواو ونون التوكيد ، حذفت الواو لالتقائهما ، وبقيت الضمة لتدل عليها. قوله : (طاعَةٌ) مبتدأ ، و (مَعْرُوفَةٌ) صفته ، والخبر محذوف قدره المفسر بقوله : (خير من قسمكم) ويصح أن يكون (طاعَةٌ) خبر المحذوف تقديره أمركم طاعة معروفة ، أي الأمر المطلوب منكم طاعة معروفة بالصدق وموافقة الواقع ، لا مجرد القول باللسان. قوله : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) تعليل لما قبله ، والمعنى لا تحلفوا باللسان ، مع كون قلوبكم ليس فيها الامتثال والإخلاص ، فإن الله مطلع على بواطنكم وظواهركم ، لا تخفى عليه خافية.
قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) شرط حذف جوابه والتقدير فلا ضرر عليه ، وقوله : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) علة لذلك المحذوف. قوله : (ما حُمِّلَ) أي كلف. قوله : (تَهْتَدُوا) أي تصلوا للرشاد والفوز برضا الله ، وهذا راجع لقوله : (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) ، وقوله : (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) راجع لقوله : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) على سبيل اللف والنشر المشوش. قوله : (أي التبليغ البين) أي الظاهر وقد أداه ، فعليكم أن تؤدوا ما حملتم من الطاعة لله ورسوله.
قوله : (وَعَدَ اللهُ) الخ ، (وَعَدَ) فعل ماض ، ولفظ الجلالة فاعله ، والاسم الموصول مفعوله الأول ، والمفعول الثاني محذوف تقديره الاستخلاف في الأرض ، وتمكين دينهم وتبديل خوفهم أمنا يدل على هذا المحذوف. قوله : (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) الخ ، فإن اللام موطئة لقسم محذوف تقديره أقسم الله ليستخلفنهم. قوله : (مِنْكُمْ) الجار والمجرور حال من (الَّذِينَ آمَنُوا) والخطاب لعموم الأمة. قوله : (فِي الْأَرْضِ) أي جميعها ، وقد حصل ذلك. قوله : (كَمَا اسْتَخْلَفَ) ما مصدرية ، والمعنى استخلافا كاستخلاف الذين من قبلهم. قوله : (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) العائد محذوف أي ارتضاء لهم ، والمعنى وليجعلن دينهم الذي رضيه لهم ، ظاهرا وفائقا على جميع الأديان. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بما ذكر) أي وهو ما تقدم