(وَيَقُولُونَ) أي المنافقون (آمَنَّا) صدقنا (بِاللهِ) بتوحيده (وَبِالرَّسُولِ) محمد (وَأَطَعْنا) هما فيما حكما به (ثُمَّ يَتَوَلَّى) يعرض (فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عنه (وَما أُولئِكَ) المعرضون (بِالْمُؤْمِنِينَ) (٤٧) المعهودين الموافق قلوبهم لألسنتهم (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) المبلغ عنه (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٤٨) عن المجيء إليه (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (٤٩) مسرعين طائعين (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) كفر (أَمِ ارْتابُوا) أي شكوا في نبوته (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) في الحكم أي فيظلموا فيه؟ لا (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥٠) بالإعراض عنه (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) بالقول اللائق بهم (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) بالإجابة (وَأُولئِكَ) حينئذ (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥١) الناجون (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ) يخافه (وَيَتَّقْهِ) بسكون الهاء وكسرها بأن يطيعه (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٥٢) بالجنة (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) غايتها (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) بالجهاد
____________________________________
وعنايته ، فلا يهتدي إلا من حفه الله بالعناية ، فليس ظهور الآيات سببا في الاهتداء دون عناية الله. قوله : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ) شروع في ذكر أحوال المنافقين. قوله : (وَأَطَعْنا) قدر المفسر الضمير إشارة إلى أن مفعول (أَطَعْنا) محذوف.
قوله : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) تفصيل لما أجمل أولا. قوله : (المبلغ عنه) جواب عما يقال : لم افرد الضمير في (لِيَحْكُمَ) مع أنه تقدمه اثنان؟ فأجاب : بأن الرسول هو المباشر للحكم ، وإنما ذكر الله معه تفخيما لشأنه وتعظيما لقدرته. قوله : (إِذا فَرِيقٌ إِذا) فجائية قائمة مقام الفاء في ربط الجواب بالشرط. قوله : (مُعْرِضُونَ) أي إن كان الحكم عليهم بدليل ما بعده. قوله : (إليه) يصح أن يكون متعلقا بيأتوا أو بمذعنين. قوله : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أشار بذلك إلى أن منشأ الإعراض وسببه أحد أمور ثلاثة. قوله : (أَمِ ارْتابُوا أَمِ) بمعنى بل والهمزة ، وكذا يقال فيما بعده ، والاستفهام للتقرير. قوله : (لا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام في هذا الأخير بمعنى النفي. والمعنى لا محل لخوفهم لاستحالة الحيف على الله ورسوله. قوله : (بالإعراض عنه) أي الحكم.
قوله : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) العامة على نصب قول خبرا لكان ، والاسم أن وما دخلت عليه ، وقرىء شذوذا برفعه على أنه اسمها ، وأن وما دخلت عليه خبرها. قوله : (بالإجابة) أي قولا وفعلا. قوله : (حينئذ) أي حين إذ قالوا هذا القول. قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) الخ ، قال بعض الأحبار : هذه الآية جمعت ما في توراة موسى وإنجيل عيسى. قوله : (يخافه) هذا حل معنى ، وإلا فكان حقه أن يقول يخفه. قوله : (وكسرها) أي بإشباع ودونه فهذه ثلاثة قراءات ، وبسكون القاف مع كسر الهاء بدون إشباع فتكون أربعة ، وكلها سبعية. قوله : (هُمُ الْفائِزُونَ) أي الظافرون بمقصودهم ، الناجون من كل مكروه.
قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) الضمير عائد على المنافقين ، وهو معطوف على قوله : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ