الرَّسُولِ) محمد (سَبِيلاً) (٢٧) طريقا إلى الهدى (يا وَيْلَتى) ألفه عوض عن ياء الإضافة أي ويلتي ومعناه هلكتي (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً) أي أبيا (خَلِيلاً) (٢٨) (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) أي القرآن (بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) بأن ردني عن الإيمان به قال تعالى (وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ) الكافر (خَذُولاً) (٢٩) بأن يتركه ويتبرأ منه عند البلاء (وَقالَ الرَّسُولُ) محمد (يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي) قريشا (اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (٣٠) متروكا قال تعالى (وَكَذلِكَ) كما جعلنا لك عدوا من مشركي قومك (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍ) قبلك (عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) المشركين فاصبر كما صبروا (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً) لك (وَنَصِيراً) (٣١) ناصرا لك على أعدائك (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا) هلا (نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) كالتوراة والإنجيل والزبور ، قال تعالى نزلناه (كَذلِكَ) أي متفرقا (لِنُثَبِّتَ
____________________________________
قوله : (يَقُولُ يا لَيْتَنِي) الجملة حالية من فاعل (يَعَضُ). قوله : (للتنبيه) أي وليست للنداء ، لأن المنادى شرطه أن يكون اسما ، وليت حرف تمن أو للنداء ، والمنادى محذوف أي يا قوم. قوله : (عوض عن ياء الاضافة) أي وأصله ويلتي بكسر التاء وفتح الياء ، فتحت التاء فتحركت ، وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، فيقال في إعرابه ويلتا مضاف ، والألف مضاف اليه في محل جر ، وليس لنا ألف في محل جر ، إلا ما كانت عوضا عن ياء المتكلم. قوله : (لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) فلان كناية عن علم من يعقل من الذكور ، وفلانة عن علم من يعقل من الإناث. قوله : (لَقَدْ أَضَلَّنِي) علة لتمنيه ، وأكده باللام القسمية ، إظهارا لندمه وتحسره. قوله : (أي القرآن) أي وقيل كلمة الشهادة. قوله : (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن قوله : (وَكانَ الشَّيْطانُ) الخ ، جملة مستأنفة من كلامه تعالى ، وكلام الظالم تم عند قوله : (جاءَنِي). قوله : (وَكانَ الشَّيْطانُ) أي هو كل عات متمرد صد عن سبيل الله من الجن والإنس. قوله : (بأن يتركه) أي يترك نصره.
قوله : (وَقالَ الرَّسُولُ) عطف على قوله : (وقال الذين لا يرجون لقاءنا) وما بينهما اعتراض مسوق لاستعظام ما قالوه ، وبيان ما يحيق بهم في الآخرة من الأهوال ، وهذا القول قيل صدر منه في الدنيا ، وعليه يحمل قول المفسر (فاصبر كما صبروا) وقيل سيقع منه في الآخرة حال إقامة الحجة عليهم ، ولذا ورد أنه يقول حين يشاهد نزول العذاب بهم سحقا. قوله : (مَهْجُوراً) أي فأعرضوا عنه ولم يؤمنوا به ، فهذه الآية وردت في الكفار المعرضين عن القرآن الذين لم يؤمنوا به ، لا فيمن حفظه من المؤمنين ثم نسيه ، وإن كان يعاتب عليه في الآخرة لما ورد : «من تعلم القرآن وعلق مصحفه ، لم يتعاهده ولم ينظر فيه ، جاء يوم القيامة متعلقا به يقول : يا رب عبدك هذا اتخذني مهجورا ، اقض بيني وبينه».
قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا) الخ ، شروع في تسليته صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى كما جعلنا قومك يعادونك ويكذبونك ، جعلنا لكل نبي عدوا. قوله : (بِرَبِّكَ) الباء زائدة في الفاعل. قوله : (هادِياً) أي موصلا لك إلى الطريق القويم. قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الخ ، حكاية عن بعض قبائح كفار مكة ، وشبههم التي تتعلق بالقرآن ، ولما كانت تلك الشبهة ، ربما تدخل على بعض الضعفاء ، اعتنى الله بردها والتوبيخ لمن أبداها. قوله : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ نُزِّلَ) بمعنى أنزل ، لأن نزل بالتشديد معناه الإنزال