بَعْضِكُمْ بَعْضاً) بأن تقولوا يا محمد بل قولوا يا نبي الله يا رسول الله في لين وتواضع وخفض صوت (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) أي يخرجون من المسجد في الخطبة من غير استئذان خفية مستترين بشيء ، وقد للتحقيق (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي أمر الله أو رسوله (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) بلاء (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) في الآخرة (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ملكا وخلقا وعبيدا (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ) أيها المكلفون (عَلَيْهِ) من الإيمان والنفاق (وَ) يعلم (يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) فيه التفات عن الخطاب أي متى يكون (فَيُنَبِّئُهُمْ) فيه (بِما عَمِلُوا) من الخير والشر (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) من أعمالهم وغيرها (عَلِيمٌ) (٦٤).
____________________________________
أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) وهذه الآداب كما تكون في حق النبي ، تكون في حق حملة شريعته ، فينبغي لتلامذة الأشياخ ، أن يفعلوا معهم هذه الآداب ويتخلقوا بها ، ليحصل لهم الفتوح والفلاح. قوله : (الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ) أي يذهبون واحدا بعد واحد ، لأن المنافقين كانوا يجتمعون مع الصحابة إذا رقي النبي المنبر ، فإذا كثر الناس نظروا يمينا وشمالا ، ويخرجون واحدا بعد واحد ، إلى أن يذهبوا جميعا. قوله : (لِواذاً) حال من الواو في (يَتَسَلَّلُونَ) من التلاوذ ، وهو الاستتار ، بأن يغمز بعضهم بعضا بالخروج.
قوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ) الخ ، مرتب على ما قبله ، وضمن (يُخالِفُونَ) معنى يعرضون ، فعداه بعن. قوله : (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَنْ) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول يحذر ، أي إصابة فتنة. قوله : (أَوْ يُصِيبَهُمْ أَوْ) مانعة خلو تجوز الجمع. قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ) الخ كالدليل لما قبله. قوله : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ قَدْ) للتحقيق ، والمعنى أن الله يعلم الأمر الذي في قلوب المنافقين ، من المخالفة والإعراض عن أوامر الله تعالى. قوله : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) معطوف على (ما) أي يردون إليه ، وهو يوم البعث. قوله : (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي يخبرهم بأعمالهم ، فيثيبهم على الحسنات ، ويعاقبهم على السيئات.