هُمْ
مِنَ الْمُعْتَبِينَ) (٢٤) المرضيين (وَقَيَّضْنا) سببنا (لَهُمْ قُرَناءَ) من الشياطين (فَزَيَّنُوا لَهُمْ
ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا واتباع الشهوات (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة بقولهم : لا بعث ولا حساب (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) بالعذاب وهو (لَأَمْلَأَنَّ
جَهَنَّمَ) الآية (فِي) جملة (أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) هلكت (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (٢٥) (وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا) عند قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم (لا تَسْمَعُوا لِهذَا
الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) ائتوا باللغط ونحوه ، وصيحوا في زمن قراءته (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦) فيسكت عن القراءة ، قال الله تعالى فيهم (فَلَنُذِيقَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا
يَعْمَلُونَ) (٢٧) أي أقبح جزاء عملهم (ذلِكَ) العذاب
____________________________________
المقابل للعلم
به ، لأنه إذا كانت لهم النار مع الصبر ، فهي لهم مع عدمه بالأولى ، بخلاف الدنيا
، فإن الإنسان مع الصبر ، ربما تخف مصيبته أو يعوض خيرا ومع عدمه يزاد فيها ويغضب
الله عليه. قوله : (أي الرضا) وقيل العتبى الرجوع إلى ما يحبون. قوله : (المرضيين)
أي المرضي عليهم.
قوله : ()
أي لكفار مكة ومعنى (سببنا) هيأنا وبعثنا والمعنى سببنا لهم قرناء يلازمونهم
ويستولون عليهم استيلاء القيض وهو قشر البيض على البيض. قوله : ()
أي من القبائح. قوله : ()
(من أمر الدنيا) إلخ ، وقيل : ما بين أيديهم من أمر الآخرة ، وما خلفهم من أمر
الدنيا ، قال القشيري : إذا أراد الله بعبد سوءا ، قيض له إخوان سوء ، وقرناء سوء
، يحملونه على المخالفات ، ويدعونه إليها ، ومن ذلك الشيطان ، وأشر منه النفس وبئس
القرين ، يدعوه اليوم إلى ما فيه الهلاك ، ويشهد عليه غدا ؛ وإذا أراد الله بعبد
خيرا ، قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة ، ويحملونه عليها ، ويدعونه إليها ،
وفي الحديث : «إذا أراد الله بعبد شرا ، قيض له قبل موته شيطانا ، فلا يرى حسنا
إلا قبحه عنده ، ولا قبيحا إلا حسنه عنده». وعن عائشة قالت : إذا أراد الله
بالوالي خيرا ؛ جعل له وزير صدق ، إن نسي ذكره ، وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد غير
ذلك ، جعل له وزير سوء ، إن نسي لم يذكره ، وإن ذكر لم يعنه. وعن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم
: «ما بعث الله نبي ، ولا استخلف من خليفة ، إلا كانت له بطانة تأمره بالمعروف
وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، والمعصوم من عصمه الله تعالى».
قوله : ()
أي ثبت وتحقق. قوله : ()
حال من الضمير في ()
والمعنى كائنين في جملة أمم. قوله : ()
صفة لأمم. قوله : (هلكت) المناسب أن يقول مضت. قوله : ()
تعليل لاستحقاقهم العذاب. قوله : ()
أي من كفار مكة ، وإنما قالوا ذلك ، لأنه لما كان النبي صلىاللهعليهوسلم
يقرأ ، يستميل القلوب بقراءته ، فيصغي إليها المؤمن والكافر ، فخافوا أن يتبعه
الناس. قوله : ()
اللغو الكلام الذي لا فائدة فيه ، وهو بفتح الغين في قراءة العامة من لغي كفرح
وقرىء شذوذا بضم الغين من لغا يلغو كدعا يدعو ومنه حديث أنصت فقد لغوت. قوله : (باللغط)
بسكون الغين وفتحها ، وهو كلام فيه جلبة واختلاط.
قوله : ()
أي في القول فإذا غلبتموه وسكت ، لأنه لم يكن مأمورا حينئذ بقتالهم. قوله : (قال
تعالى فيهم) أي في شأنهم. قوله : ()
أي استمروا على الكفر وماتوا عليه.