باردة شديدة الصوت بلا مطر (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) بكسر الحاء وسكونها مشؤومات عليهم (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ) الذل (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) أشد (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (١٦) بمنعه عنهم (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) بينا لهم طريق الهدى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) اختاروا الكفر (عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) المهين (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٧) (وَنَجَّيْنَا) منها (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (١٨) الله (وَ) اذكر (يَوْمَ يُحْشَرُ) بالياء والنون المفتوحة ، وضم الشين وفتح الهمزة (أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٩) يساقون (حَتَّى إِذا ما) زائدة (جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٠) (وَقالُوا
____________________________________
معنى يكفرون ، فعداه بالباء وهو معطوف على قوله : (فَاسْتَكْبَرُوا).
قوله : (صَرْصَراً) من الصر وهو البرد ، أو من الصرير ، وهو التصويت بشدة ، والمفسر جمع بينهما. قوله : (بكسر الحاء وسكونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وقيل : هما صفة مشبهة ، والسكون للتخفيف ، كأشر وفرح ، وقيل : إنه بالسكون مصدر وصف به. قوله : (مشؤومات) أي غير مباركات من الشؤم ضد اليمن. وهو تفسير لكل من القراءتين ، وكان آخر شوال صبح الأربعاء ، إلى غروب الأربعاء التي يليها ، وذلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما. قال ابن عباس : ما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء. قوله : (عَذابَ الْخِزْيِ) أي العذاب الخزي ، فهو من اضافة الموصوف لصفته ، وقوله : (الذل) وصف به العذاب مبالغة ، وإلا فحقه ان يوصف به أصحاب العذاب.
قوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) شروع في ذكر أحوال الطائفة الثانية. قوله : (بينا لهم طريق الهدى) أي فالمراد بالهداية الدلالة ، لا الوصول بالفعل. قوله : (عَلَى الْهُدى) أي الإيمان. قوله : (المهين) أي الموقع في الإهانة والذل. قوله : (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي من الكفر وتكذيب نبيهم. قوله : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي مع صالح وكانوا أربعة آلاف ، وتقدم في الأعراف أنه نجا من كان مع هود ، قال تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) وكانوا أربعة آلاف أيضا ، كما تقدم لنا في سورة هود. قوله : (وَ) (اذكر) (يَوْمَ يُحْشَرُ يَوْمَ) ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر). قوله : (بالياء) أي مع فتح الشين ورفع (أَعْداءُ) على أنه نائب فاعل. قوله : (وفتح الهمزة) أي من (أَعْداءُ) على أنه مفعول ، والفاعل على كل هو الله تعالى ، والقراءتان سبعيتان.
قوله : (أَعْداءُ اللهِ) المراد بهم كل من كان من أهل الخلود في النار مطلقا ، من أول الزمان لآخره. قوله : (إِلَى النَّارِ) المراد موقف الحساب ، وإنما عبر بالنار لأنها عاقبة حشرهم. قوله : (يساقون) وفسره البيضاوي بحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ، ولا ينافي ما قاله المفسر ، فإن المراد يساق آخرهم ليلحق أولهم ، فيحصل الاجتماع والازدحام ، حتى يكون على ألف قدم. قوله : (زائدة) أي للتأكيد ، وإنما أكده لأنهم ينكرون مضمون الكلام.
قوله : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ) إلخ ، أي بأن يخلق الله فيها النطق والفهم والادراك كاللسان ، فتقر بما فعلته من المعاصي حقيقة وهو التحقيق ، وقيل : النطق كناية عن ظهور المعاصي على تلك الجوارح ، كظهور النتونة على فروج الزناة ، ونحو ذلك ، وقيل : النطق من غير فهم ولا ادراك. عن أنس بن مالك